للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِ حَدِيثِ شُعْبَة وَسُفْيَانَ.

٨٠ - (٥٠) حَدَّثَنِى عَمْرٌو النَّاقِدُ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ النّضْرِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ - وَاللَّفْظُ لِعَبْدٍ - قَالُوا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيسَانَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ جَعْفَر بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَكَم؛ عَنْ عبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْمِسْوَرِ، عَنْ أَبِى

ــ

وقوله: " فليغيره بيده فإن لم يستصع فبلسانه " الحديث: أصل فى صفة تغيير المنكر، وعلمٌ على العلم فى عمله، فمن حق المغيّر أولاً أن يكون عالمًا بما يُغيّره، عارفًا بالمنكر من غيره، فقيهًا بصفة التغيير ودرجاته، فيغيره بكل وجه أمكنه زواله به، وغلبت على ظنه منفعة تغييره بمنزعه ذلك من فعل أو قول، فيكسر آلات الباطل، ويريق ظروف المسكر بنفسه، أو يأمر بقوله من يتولى ذلك، وينزع المغصوب من أيدى المتعمدين، بيده أو يأمر بأخذها منهم، ويمكّن منها أربابها، كل هذا إذا أمكنه، ويرفق فى التغيير (١) جهده بالجاهل، أو ذى العزَّة الظالم المخوف شره، إذ ذلك أدعى إلى قبول قوله، وامتثال أمره، وأسمع لوعظه وتخويفه، كما يستحب أن يكون متولى ذلك من أهل الفضل والصلاح، لهذا المعنى، ويغلظ على المغتِّر (٢) منهم فى غيِّه، والمسرِف فى بطالته، إذا أمن أن يؤثر إغلاظه منكرًا أشد مما غيره، أو كان جانبه محميًا عن سطوة الظالم، فإن غلب على ظنه أن تغييره بيده يسبب منكرًا أشد منه من قتله أو قتل غيره بسببه، كفّ يده، واقتصر على القول باللسان، والوعظ والتخويف، فإن خاف - أيضاً - أن يُسبّبَ قولُه مثل ذلك غير بقلبه، [وكان فى سَعَة، وهذا هو المراد بالحديث إن شاء الله، وإن وَجد من يستعين به على ذلك استعان، ما لم يؤد ذلك إلى إظهار سلاح وحرب، وليرفع ذلك إلى من له الأمرُ - إن كان المنكر من غيره، أو يقتصر على تغييره بقلبه] (٣).

هذا هو فقه المسألة، وصواب العمل فيها عند العلماء والمحققين، خلافاً لمن رأى الإنكار بالتصريح بكل حالٍ وإن قُتِلَ ونيل منه كل أذى.


(١) فى الأصل: بالتغيير، والمثبت من ت.
(٢) فى الأصل: المعنق والمثبت من ت.
(٣) من ق.
ومعنى " أضعف الإيمان ": أى أضعف خصاله الراجعة إلى كيفية التغيير، لا خصاله مطلقاً؛ لأنه تقدم أن أضعفها إماطة الأذى، وقد يعنى أضعفها مطلقاً، ويجمع بين الحديثين بأن يكون الإماطة والتغيير بالقلب متساويين فى أنه لا أضعف منهما.
وكان التغيير بالقلب أضعفها لأنه ليس بعده مرتبة أخرى للتغيير. إكمال الإكمال ١/ ١٥٥. وقيل: معنى أضعف الإيمان أى أقل ثمراته.

<<  <  ج: ص:  >  >>