للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَافِع، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُود؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا مِنْ نَبِىِّ بَعَثَهُ اللهُ فِى أُمَّةٍ قَبْلِى، إِلا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ، يَأخُذُونَ بِسُنَّتِهِ ويَقْتَدُونَ بِأمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّها تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِم خُلُوفٌ، يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذلِكَ مِنَ الإيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ ".

ــ

وقوله: فى حديث ابن (١) مسعود: " ما من نبى بعثه الله ... " الحديث، وفيه: " إلا كان له من أمته حواريون .. " (٢)، قال الأزهرى: الحواريون خلصاءُ الأنبياء، ومعناه: الذين أُخلِصوا ونُقُّوا من كل عيب، وحوارِى الدقيق الذى نُخل. وقال يونس: هم خلصاؤهم وخاصتُهم، وقال السُلمى: هم الأَخِلاءُ، وقال ابن الأنبارى: هم المختصون المفضلون، وسُمى خبر الحوارى لأنه أشرف الخبر وأرفعه.

وقال غيره: إنما سُمى بذلك أنصار عيسى؛ لأنهم كانوا يغسلون الثياب ويُحوّرونها أى يبيضونها، وقيل: لكل ناصر لسُنَّةٍ (٣): حَوارى تشبيهاً بأولئك.

قال ابن الأنبارى: فى الحواريين خمسة أقوال: قال أهل اللغة: هم البيض الثياب، وقيل: هم المجاهدون، وقيل: الصيادون، وقيل: القصارون (٤)، وقيل: الملوك.

وقوله: " ويخلفُ من بعدهم خلوف " هو جمع خلْف بالإسكان، وهو الذى يأتى بعد الآخر. قال الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْف} (٥).

ويقال فيه: خَلف بالفتح أيضاً، ومنه الحديث: " يحمل هذا العلم من كل خلفٍ


(١) فى الأصل: أبى، والمثبت هو الصواب من الحديث.
(٢) أمة النبى أتباعه، ويطلق - أيضاً - على عموم أهل دعوته، فيندرج فيها أصناف الكفر، وأكثر استعمالها فى الأحاديث بالمعنى الأول. إكمال ١/ ١٥٥ وما عورض به هذا الحديث من الصحيح: " يجىء النبى ومعه الرجل والرجلان، والنبى ليس معه أحد " يجاب عنه بأن الحديث ورد باعتبار الأكثر، أى ما من نبى فى الأكثر، أو بأنه على حذف الصفة، أى ما من نبى له أتباع. السابق، وفى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثم إنها " تنبيه على أن تغيير السنن إنما يقع بعد طول، وهذا ما يفيده العطف بثم، وقد يفيد أنها للبعد فى الرتبة، وضمير (إنها) للقصة، وهو ما يسميه النحاة بالشأن.
(٣) هكذا فى ت، وفى الأصل: لنبيه.
(٤) بائعو الطحين - الدقيق - وقال أبو عمرو: القصلُ والقصَرُ أصلُ التبن، وفى اللسان القُصَارة والقِصْرى والقصَرَةُ ما يَبقى فى المُنخُل بعد الانتخال.
(٥) مريم: ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>