للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٦) باب النهى عن الإصرار على اليمين، فيما يتأذى به أهل الحالف، مما ليس بحرام]

٢٦ - (١٦٥٥) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرةَ عَنْ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَاللهِ، لأَنْ يَلَجَّ أَحَدُكُمْ بِيَمينِهِ فِى أَهْلِهِ، آثمُ لَهُ عِنْدَ اللهِ مِنْ أَنْ يُعْطِىَ كَفَّارَتَهُ الَّتِى فَرَضَ الله ".

ــ

وقوله: " لأن يَلَجَّ أحدكم بيمينه فى أهله، آثم له عند الله من أن يعطى كفارته التى فرض الله عليه " (١): فيه أن الكفارة عن الحانث فى اليمين فرض، كما قال تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُم} (٢). ومعنى " يلج " من اللجاج، أى يقيم على ترك الكفارة.

وقوله: " هو آثم له من أن يعطى كفارته " قيل: معناه على ظاهره، وقيل: إذا رأى غيرها خيرًا منها فلم يكفر. والحديث - والله أعلم - على العموم مثل الحالف على قطع منفعة عن نفسه أو عن غيره، أو على ألا يفعل ما فعله خير من صلة رحم أو كلام صديق أو فعل معروف، كما فعل أبو بكر - رضى الله عنه - فى حلفه فى النفقة على مسطح، فأنزل الله تعالى: {وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا} الآية (٣)، وكما قال - عليه السلام - فى الحديث الآخر قال: " ألا يفعل خيرًا " فعلى هذا ومثله يحمل الحديث؛ لأن مواصلته هذا وإقامته على يمينه إما أن يكون معصية أو مكروهًا له فكفارته خير، وجاء بلفظ: " آثم " لمقابلة اللفظ ومجانسته لما كان فى المقام على ذلك إثماً، واعتقد الآخر أن فى حنثه إثماً فاضل بين الإثمين، أو استعار لمخالفة كل حال اسم الإثم.


(١) لا يوجد بالحديث كلمة " عليه "
(٢) المائدة: ٨٩.
(٣) النور: ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>