للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وَبَلَغَنَا؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَكُنْ يَحُجُّ حَتَّى مَاتَتْ أُمُّهُ، لِصُحْبَتِهَا.

قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِى حَدِيثِهِ: " لِلْعَبْدِ الْمُصْلِحِ "، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَمْلُوكَ.

(...) وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوانَ الأُمَوِىُّ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَلَمْ يَذْكُرْ: بَلَغَنَا وَمَا بَعْدَهُ.

٤٥ - (١٦٦٦) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا أَدَّى الْعَبْدُ حَقَّ اللهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ، كَانَ لَهُ أَجْرَانِ ". قَالَ: فَحَدَّثْتهَا كَعْبًا. فَقَالَ كَعْبٌ: لَيْسَ عَلَيْهِ حِسَابٌ، وَلا عَلَى مُؤْمِنٍ مُزْهِدٍ.

(...) وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.

ــ

مؤنتهما؛ لاستحقاق سيده رقبته وماله، وأما ما يلزمه لها من البر بالقول والملاطفة وخفض الجناح فيستوى فيه الحر والعبد، فأبو هريرة - والله أعلم - أراد ما يلزمه من السعى عليها والإلطاف لها والإحسان الذى لا يتفق مع العبودية.

وقد يكون مراد أبى هريرة بهذا كله تعظيم أجر الحج والجهاد وبر الوالدين وأن الأجر [فيها ذلك] (١) أعظم من أجر العبودية، وأن بالعبودية لا يصل إلى شىء من ذلك؛ لمنعه من الحج والجهاد، وتغريبه عن والدته، فلا يصل إلى شىء من برها، ألا تراه كيف قال فى الحديث: " وبلغنا أن أبا هريرة لم يكن يحج حتى ماتت أمه لصحبتها "؛ لأن بر الأم، وصحبتها والقيام بها فرض متعين، وأبو هريرة قد كان قضى حجة، وحجه بعد ذلك إنما كان نافلة، فقدم الفرض من بر أمه على فضل الحج، وقد قال مالك: [لا يحج] (٢) أحد إلا بإذن أبويه إلا الفريضة فيخرج ويدعهما. وقال أيضاً: لا يعجل عليهما فى غير الفريضة وليستأذنهما العام والعامين.

وقول كعب فى هذا الحديث: " ليس عليه حساب ولا على مؤمن مزهد "، قال الإمام - رحمه الله -: يعنى بالمزهد: القليل المال، يقال: أزهد الرجل يزهد إزهاداً: إذا قل ماله، قال الأعشى.

فلن يطلبوا سرها للغنى ... ولن يسلموها لإزهادها

فالإزهاد قلة المال. والسر فى هذا البيت يعنى به النكاح، والشىء الزهيد هو القليل. قال القاضى - رحمه الله -: معنى قول كعب: " ليس عليه حساب ": أى ليس على عبد


(١) فى الأبى: فى إحداها.
(٢) ساقطة من الأصل، والمثبت من الأبى.

<<  <  ج: ص:  >  >>