للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - (...) وحدّثنى عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِىُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ؛ أَنَّ مُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ سَهْلٍ انْطَلَقَا قِبَلَ خَيْبَرَ، فتَفَرَّقَا فِى النَّخْلِ، فَقُتِلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَهْلٍ، فَاتَّهَمُوا الْيَهُودَ. فَجَاءَ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَابْنَا عَمِّهِ حُوَيَّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ إِلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَكَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِى أَمْرِ أَخِيهِ، وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَبِّرِ الْكُبْرَ "،

ــ

مالك اللوث وقول الميت بمنزلة العداوة. وعندى أن الأظهر فى الجواب أن يقال: قد سلمنا أن القرائن تقوم مقام الشاهد، فقد يكون قام من القرائن ما دل على أن اليهود قتلوه وإن جهل عين القاتل، ومثل هذا لا يبعد إثباته لوثاً وأجرى حكم القسامة فيه.

قال القاضى - رحمه الله -: قوله: " يحلف خمسون منكم خمسين يميناً " يبين معنى قوله: " يحلفون "، وأن الأيمان لا تكون أقل من خمسين، وأنها لا يحلفها واحد وإنما يحلفها خمسون من أولياء المقتول، كل واحد يمين، فإن كانوا دون هذا العدد، أو نكل بعضهم ولم يكن ممن يجوز عفوه، أو صرف اليمين إلى غيره، ردت الأيمان عليهم حتى يتموا خمسين يميناً. ويجزئ فى ذلك رجلان، ولا يحلف فى قتل العمد أقل من اثنين. هذا مشهور مذهب مالك (١)، وعنه أن الأولياء إن كانوا أكثر من خمسين حلفوا كلهم يميناً يمينًا، ولا يحلف فى ذلك عنده إلا الرجال البالغون من أوليائه ومن يستعينون به من عصبته، وهذا كله فى العمد، وبهذا قال الليث وربيعة والثورى والأوزاعى وأحمد وداود وأهل الظاهر (٢)، وأنه لا يقسم النساء ولا الصبيان.

قال مالك: وأما فى الخطأ فإنما يحلف الورثة على قدر مواريثهم، ذكراناً كانوا أو إناثًا، إلا أنه إن لم يكن من الورثة إلا رجل واحد حلف الأيمان كلها فى الخطأ بخلاف العمد، وإن كن نساء حلفن الأيمان كلها، وكذلك امرأة واحدة أو وارث واحد لو حضر وغاب من بقى حلف جميع ذلك، واستحق حقه. ولا يستحق أحد منهم ميراثه إلا بعد أن يحلف فى القسامة خمسين يميناً من جميعهم إن حضروا، أو يحلف من حضر منهم جميعها ويستحق حقه، فإن جاء من غاب حلف ما كان يجب عليه لو حضر بحسب ميراثه من نصف الأيمان أو ثلثها أو سدسها (٣). وقال الليث: لا ينقص من ثلاث أنفس. وقال الشافعى: لا يحلف فى العمد ولا فى الخطأ إلا أهل الميراث على قدر مواريثهم، ولا يحلف على مال من لا يستحق (٤)، وهو قول أبى ثور وابن المنذر، وهذا على قوله: لا قود فى القسامة، وإنما هى دية.

وقوله فى الراوية الأخرى: " يحلفون على رجل منهم فيدفع إليكم برمته ": حجة


(١) و (٢) انظر: الاستذكار ٢٥/ ٣٣٤.
(٣) المصدر السابق: ٢٥/ ٣٣٧.
(٤) المصدر السابق: ٢٥/ ٣٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>