للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠ - (...) حدّثنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَاحِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ - وَاللَّفْظُ لأَبِى بَكْرِ - قَالَ: حَدَّثنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَبِى عُثْمَانَ، حَدَّثَنِى أَبُو رَجَاءٍ مَوْلَى أَبِى قِلابَةَ، عَنْ أَبِى قِلابَةَ، حَدَّثَنِى أَنَسٌ؛ أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً، قَدِمُوا عَلَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَايَعُوهُ عَلَى الإِسْلامِ، فَاسْتَوْخَموا الأَرْضَ وَسَقُمَتْ أَجْسَامُهُمْ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسوُلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: " أَلا تَخْرُجُونَ مَعَ رَاعِينَا فِى إِبِلِهِ فَتُصِيبُونَ مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا؟ ". فَقَالُوا: بَلَىَ، فَخَرَجُوا فَشَرِبُوا منْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَصَحُّوا، فَقَتَلُوا الرَّاعِىَ وَطَرَدُوا الإِبِلَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ فِى آثَارِهِمْ، فَأُدْرِكُوا، فَجِىءَ بِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُطِعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ وَسُمِرَ أَعْيُنُهُمْ، ثُمَّ نُبِذُوا فِى الشَّمْسِ حَتَّى مَاتُوا.

وَقَالَ ابْنُ الصَّبَاح فِى رِوَايَتِهِ: وَاطَّرَدُوا النَّعَمَ. وَقَالَ: وَسُمِّرَتْ أَعْيُنُهُمْ.

ــ

يختلف. فلا يكون عقوبة الإجرام المختلفة متساوية.

واختلف الناس وأصحابنا فى المحاربة فى المصر، هل حكمها حكم المحارب فى غير المصر أم لا (١)؟. والمشهور عندنا وبه قال الشافعى: أنهما شيئان. وفرق بينهما بعض أصحابنا وهو مذهب أبى حنيفة.

قال القاضى - رحمه الله -: ذهب أبو مصعب من أصحابنا إلى التخيير فيه وإن قتل، وهو مذهب أبى حنيفة، وحكى الماوردى عن مالك أنه يقتل [ذا] (٢) الرأى والتدبير، ويقطع [ذا] (٣) البطش والقوة، ويعذر ممن عداه؛ قال: مرتبة على صفاتهم لا على أفعالهم.

قال الإمام: اختلف الناس فى معنى هذا الحديث، وفعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهؤلاء ما فعل. فقال بعض السلف: كان هذا قبل نزول الحدود وآية المحاربين والنهى عن المثلة، فلما نزل ذلك استقرت الحدود ونهى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المثلة، هو منسوخ. وقيل: هو محكم غير منسوخ، وفيهم نزلت آية المحاربين.

وإنما فعل النبى - عليه السلام - فيهم ما فعل؛ قصاصاً؛ لأنهم فعلوا بالرعاة مثل ذلك، وروى ذلك مسلم فى بعض حديثه، وابن إسحاق وموسى بن عقبة، وأهل السير، والترمذى (٤)، ففى هذا مال مالك فى أنه يقتضى القاتل بمثل ما فعل بالمقتول، وقيل: بل ذلك حكم من النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيهم زائداً على حد الحرابة لعظم جرمهم ومحاربتهم، وقتلهم


(١) انظر: المغنى ١٢/ ٤٧٤.
(٢) و (٣) هكذا فى الأصل.
(٤) ك الطهارة، ب ما جاء فى بول ما يؤكل لحمه برقم (٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>