للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٠ - (...) حدّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ الْجَهْضَمِىُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: لَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ، قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ وَأَخَذَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ. فَقَالَ: " أَتَدْرُونَ أَىَّ يَوْمٍ هَذَا؟ ". قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ. فَقَالَ: " أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ؟ " قُلْنَا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " فَأَىَّ شَهْرٍ هَذَا؟ " قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ " أَلَيْسَ بِذِى الْحِجَّةِ؟ " قُلْنَا: بَلَى. يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " فَأَىُّ بَلَدٍ هَذَا ". قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ. قَالَ: " أَلَيْسَ بِالْبَلْدَةِ؟ " قُلْنَا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كُحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِى شَهْرِكُمْ هَذَا، فِى بَلَدِكُمْ هَذَا، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ".

قَالَ: ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا، وَإِلَى جُزَيْعَةٍ مِنَ الْغَنَمِ فَقَسَمَهَا بَيْنَنَا.

ــ

قال الإمام - رحمه الله -: وقوله: " ثم انكفأ "، الانكفاء الانقلاب، يقال: انكفأ إلى كذا، أى انقلب إليه ومال نحوه. وانكفأ لونه، أى تغير وزال عن حاله، ومال إلى حالة أخرى. قال الكسائى: الأملح: هو الذى فيه بياض وسواد والبياض أكثر. قال القاضى - رحمه الله -: قَالَ الدارقطنى: قوله: " ثم انكفأ " إلى آخر الحديث، وهم من ابن عون فيما قيل، وإنما رواه ابن سيرين عن أنس (١).

قال القاضى - رحمه الله -: وقد خرج البخارى هذا الحديث عن ابن عون، فلم يذكر فيه هذا الكلام (٢)، ولعله تركه عن عمد. وقد رواه أبو قرة عن ابن سيرين فى مسلم فى الباب، فلم يذكر فيه هذه الزيادة، إنما هى فى حديث آخر فى خطبة عيد الأضحى، فوهم فيهما الراوى وضمها إلى خطبة الحج، أو هما حديثان، ضم بعضهما إلى بعض. وقد ذكر مسلم ذلك فى كتاب الضحايا بعد هذا من حديث أيوب وهشام عن ابن سيرين، عن أنس؛ أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى ثم خطب، فأمر من كان ذبح قبل الصلاة أن يعيد، ثم قال آخر الحديث: " وانكفأ رسول الله إلى كبشين أملحين فذبحهما، فقام الناس إلى غنيمة فتوزعوها " (٣)، فهذا هو الصحيح ورافع للإشكال، ويصحح - أيضاً - أن اللفظ الذى هنا: " خزيعة "بالزاى لقوله هنا: " غنيمة ".


(١) الدارقطنى فى الإلزامات والتتبع ص ٢٢٠، ٢٢١ (٨٦).
(٢) البخارى، ك العلم، ب قول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رب مبلغ أوعى من سامع " ١/ ٢٦.
(٣) مسلم، ك الأضاحى، ب وقتها ٣/ ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>