للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فى الحديث لإقراره ولا للشهادة عليه ذكر، قال: ما يدل أنه لابد من صحة اعترافه بذلك. فإنما أغفل ذلك الراوى أو عول فى تركه على علم السامع بذلك؛ أنه لا يؤخذ أحد بغير إقراره إلا لو تمت الشهادة عليه لأنه يردها ذا الفضل من [العضل] (١) الحديث. وإنما فهم المقصود منه فسخ الصلح الحرام، وإقامة الحدود على الزناة.

وفى الحديث ضروب من الفقه سوى ما تقدم منها: أن أولى الناس بالقضاء منهم الخليفة إذا كان عالماً بوجوه القضاء، وأن الحكم بالرجم وشبهه - من حدود القتل والنفس - إنما يكون بحضرة الإمام وبين يديه، ووجوب الأدب مع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والخليفة وأهل العلم، وللناظرين بين الناس فى استبذالهم فى السؤال والإخبار عن قصصهم؛ إذ قد يكون فى بعض الأوقات بسبيل عذر وتحت شغل، أو ليتكلم من ليس له الكلام أولاً، إذ هو الداعى للإنصاف فهو المتكلم أولاً.

قال الخطابى: وفيه أن للإمام إذا اجتمع الخصمان بين يديه أن يبيح الكلام لمن شاء منهما، وفيه أن كل صلح خالف السنة لا يدخل فى ملك قابضه، وفيه أن الحدود لا يصالح فيها ولا يمض الصلح. ولا خلاف عندنا فى ذلك فيما تعلق بحق الله تعالى محضاً؛ كحق الحرابة والزنا والردة والسرقة، بلغ السلطان أم لا؛ لأنه أكل مالٍ بالباطل فى إبطال حد إن بلغ السلطان، أو أكل مال على ألا يبلغ وهو حرام ورشوة.

واختلف عندنا فى الصلح عما تعلق منه بحق العباد فى الأعراض بعد رفعه؛ كحد القذف. ففيه قولان وإن كان يكره بكل حال؛ لأنه أكل مال فى ثمن عرض. ولا خلاف أنه يجوز قبل رفعه. ولم يختلف فى جواز ما كان منه فى [الأبد أن] (*) من القصاص فى الجراح والنفس؛ أن الصلح فيه جائز لا يرد بما اتفق عليه.

وفيه أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يحضر الرجم وهو الإمام، وقد تقدم الخلاف فى ذلك، ولا ذكر الحفر للمرجوم. وفيه رجم الثيب دون جلده، وجلد البكر ونفيه، وقد تقدم هذا.

وفيه من الفقه سؤال الإمام إذا قذف عنده قاذف المقذوف، فإن اعترف حد ودرئ عن القاذف الحد، وإن أنكر وأراد ستراً سقط الحد عنهما، وإلا سئل القاذف البينة، وإلا حد للقذف، كما وجه النبى أنيسًا للمرأة. فأما لو شهد عند الإمام أن فلاناً قذف فلاناً فلا يحده الإمام حتى يطلبه المقذوف. وعند أبى حنيفة والشافعى والأوزاعى، وقال مالك: يرسل إليه، فإن أراد ستراً تركه وإلا حده. وقد اختلف قول مالك فى عفوه وإن لم يرد ستراً.


(١) ضرب عليها بخط فى الأصل.
(*) قال معد الكتاب للشاملة: تصحيف، ولعل صوابه: "الأبدان"، والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>