للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ: أَلا نُشْرِكَ بِاللهِ شَيْئًا، وَلا نَسْرِقَ، وَلا نَزْنِىَ، وَلا نَقْتُلَ أَوْلادَنَا، وَلا يَعْضَهَ بَعْضُنَا بَعْضًا " فَمنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَتَى مِنْكُمْ حَدًّا فَأُقِيمَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ، وَمَن سَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاَء غَفَرَ لَهُ ".

٤٤ - (...) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ، عَنْ أَبِى الْخَيرِ، عَنِ الصُّنَابِحِىِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّهُ قَالَ: إِنِّى لَمِنَ النُّقَبَاءِ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: بَايَعْنَاهُ عَلَى

ــ

أنه قال فى الحديث الأول: " فمن وفى منكم فأجره على الله "، ولم يقل: فالجنة؛ لأنه قد يعصى بغير هذه الذنوب؛ كشرب الخمر، وأكل الربا، وشهادة الزور. وقال فى الحديث الآخر: " ولا ننتهب ولا نعصى " فعم سائر المعاصى، ولا شك أن من لا يعصى أصلاً له الجنة.

قال القاضى: أكثر العلماء ذهبوا إلى أن الحدود كفارة أخذاً بهذا الحديث، ومنهم من وقفه بحديث أبى هريرة أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا أدرى الحدود كفارة أم لا " (١)، لكن حديث عبادة أصح إسناداً. ولا تعارض بين الحديثين، فقد يمكن أن حديث أبى هريرة قبل حديث عبادة؛ إذ لم يعلم أولاً حتى أعلمه الله تعالى أخيراً. واحتج من وقف بقوله: {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (٢). والآية مختلف فيها، هل هى فى الكفارة أو محاذير الإسلام؟ فإن كانت فى الكفارة فلا حجة فيها، وأيضاً فيكون حديث عبادة مخصصًا لعموم الآية، أو مبيناً ومفسراً لها.

وقوله: " لا يَعضَه بعضنا بعضاً ": كذا رواية الجماعة، لمعناه تأويلات: أحدها: لا يسخر. والعضيهة. والعضه: السخر، والآخر النميمة، وهى العضه والعضه أيضاً والآخر البهتان، أى لا يقذفه ولا يكذب عليه، وينسب إليه ما ينقصه ويتأذى به. والعضيهة: الإفك والبهتان، يقال: عضه الرجل بالفتح، وأعضه: إذا أفك. وعضهت وأعضهت فلاناً، كذا جاء هذا الحرف فى رواية الجماعة وعند العذرى: " ولا يعض بعضنا


(١) الهيثمى فى مجمع الزوائد ٦/ ٢٦٨، ك الحدود والديات، ب هل تكفر الحدود الذنوب أم لا؟ وقال: " رواه البزار بإسنادين، رجال أحدهما رجال الصحيح، غير أحمد بن منصور الرمادى وهو ثقة ".
(٢) المائدة: ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>