للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مسألة اللقطة أصلاً فى الرد [على المسألة] (١) بالصفة. فمن رأى أن العلة كون المال لا يدعيه حائزه لنفسه أجرى الثلاث مسائل مجرىً واحداً، ومن أضاف إلى هذه العلة أن مالكه لا يمكنه الاشهاد عليه أيضاً فارقت الوديعة اللقطة والسرقة.

وأما اليسير من اللقطة فلم يجره مالك مجرى الكثير واستحق فيه التفريق ولا يبلغ بتعريفه سنة (٢). وقد تقدم أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مر بتمرة فى الطريق، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لولا أنى أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها " (٣). وهذا تنبيه على أن اليسير الذى لا يرجع أهله إليه يؤكل. وعند أبى داود عن جابر: رخص لنا النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى العصا والسوط والحبل وأشباهه، يلتقطه الرجل ينتفع به. وقد حد بعض الناس القليل بنحو الدينار فيما أظن، تعلقاً بما خرج أبو داود عن على - رضى الله عنهما - أنه دخل على فاطمة وحسن وحسين - رضى الله عنهما - يبكيان. فقال ما يبكيهما (٤)؟ قالت: الجوع فخرج على - رضى الله عنه - فوجد ديناراً فى السوق فجاء إلى فاطمة - رضى الله عنها - فأخبرها، فقالت: اذهب إلى فلان اليهودى فخذ لنا به دقيقاً، فجاء اليهودى فاشترى دقيقاً، فقال له اليهودى: أنت ختن (٥) هذا الذى يزعم أنه رسول الله؟ فقال: نعم. قال: فخذ دينارك ولك الدقيق. فخرج على - رضى الله عنه - حتى جاء إلى فاطمة فأخبرها، فقالت: اذهب إلى فلان الجزار فخذ لنا بدرهم لحماً. فذهب فرهن الدينار بدرهم لحماً، فجاء به فعجنت ونصبت وخبزت، وأرسلت إلى أبيها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجاءهم، فقالت: يا رسول الله، أذكر لك، فإن رأيته حلالاً أكلناه، وأكلت معنا، من شأنه كذا وكذا، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كلوا باسم الله "، فأكلوا منه، فبينما هم مكانهم إذ غلام ينشد الله والإسلام الدينار، فامر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدعى له، فقال: سقط منى فى السوق، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا على، اذهب إلى الجزار فقل له: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لك: " أرسل بالدينار ودرهمك علىّ "، فأرسل به فدفعه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليه (٦).

فوجه تعلقهم من الحديث: أن علياً - رضى الله عنه - لم يعرفه، وقد ذكرت للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " كلوا باسم الله " ولم يوبخهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ترك التعريف. وقد اختلف المذهب عندنا فى الدينار، هل يعطى لمدعيه أنه سقط له؟ فقيل: لا يعطى حتى يصف شيئاً فيه أو علامة، وقد وقع فى هذا الحديث أنه لم يطلب منه الصفة، ويمكن أن يكون اختصرها


(١) سقط من س.
(٢) انظر: الاستذكار ٢٢/ ١٨٦ وما بعدها.
(٣) مسلم، ك الزكاه، ب تحريم الزكاة على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(٤) فى الأصل وس: يبكيكما، والمثبت من الحديث.
(٥) فى الأصل: الذى.
(٦) أبو داود، ك اللقطة (١٧١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>