للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦ - (...) حدَّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا الْمُسْتَمِرُّ بْنُ الرَّيَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرْفَعُ لَهُ بِقَدْرِ غَدْرِهِ، أَلا وَلا غَادِرَ أَعْظَمُ غَدْراً مِنْ أَمِيرِ عَامَّةٍ ".

ــ

وقوله: " ولا غادر أعظم غدراً من أمير عامة ": لأن غدره متعدٍ إلى كثرة وجماعة، بخلاف غدر الواحد للواحد. وقد يكون تعظيمه لغدر أمير العامة لأنه غير مضطر إلى الغدر لقدرته وسلطانه على الوفاء، كما عظم فى حقه الكذب فى الحديث الآخر فى قوله: " ثلاثة لا يكلمهم الله " الحديث، وذكر منهم: " وأمير كاذب " (١)، وقد قدمنا الكلام عليه أول الكتاب، ويكون المراد يغدر أمير العامة إما للغدر فى عهده معه، أو لرعيته بخيانته لهم وقلة حوطته عليهم، وغدره لأمانتهم التى قلدها، وعهدهم الذى لزم عنقه. أو يكون المراد: أن الأمير هو المغدور، كما جاء فى الحديث الآخر فى الثلاثة الذين لا يكلمهم الله: " ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلا للدنيا، فإن أعطى له ما يريد له، والا لم يف " (٢)، وعظم هذا لإخفائه؛ لأن فيه الخروج على الأئمة، وشق العصا، وإثارة الفتن.

قال الإمام: وذكر مسلم فى الباب: نا محمد بن المثنى وعبيد الله بن سعيد، قالا: نا عبد الرحمن بن مهدى، نا سعيد، عن خليد، عن أبى نضرة، عن أبى سعيد. وقع فى نسخة الرازى: سعيد عن خالد. قال بعضهم: والصواب: " خليد " كما تقدم وهو خليد بن جعفر (٣).


(١) مسلم، ك الإيمان، ب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية ١/ ١٠٢ (١٧٢) من حديث أبى هريرة رضى الله عنه.
(٢) البخارى، ك الأحكام، ب من بايع رجلاً لم يبايعه إلا للدنيا ٩/ ٩٨، مسلم، ك الإيمان، ب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار ١/ ١٠٣ (١٧٣).
(٣) هو أبو سليمان خليد بن جعفر بن طريف الحنفى البصرى، روى عن معاوية بن قرة وأبى نفرة والحسن البصرى، وعنه شعبة بن الحجاج وعرزة بن ثابت، كان من أصدق الناس، وقال عنه يحيى بن سعيد: لم أره ولكن بلغنى أنه لا بأس به، ووثقه ابن معين. التهذيب ٣/ ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>