للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِيهِ. قَالَ: نَزَلَتْ فِىَّ أَرْبَعُ آيَاتٍ، أَصَبْتُ سَيْفًا فَأَتَى بهِ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَفِّلْنِيهِ. فَقَالَ: " ضَعْهُ "، ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. " ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ "، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: نَفِّلْنِيهِ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَال: " ضَعْهُ "، فَقَامَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ، نَفِّلْنِيهِ. أَأُجْعَلُ كَمَنْ لا غَنَاءَ لَهُ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ ". قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُول} (١).

٣٥ - (١٧٤٩) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً، وَأَنَا فِيهِمْ، قِبَلَ نَجْدٍ، فَغَنِمُوا إِبِلاً كَثِيرَةً، فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمْ اثَنَا عَشَرَ بَعِيرًا، أَوْ أحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا.

ــ

وقيل: هى محكمة مخصوصة فيمن ضد من المشركين إلى المسلمين من عبد أو أمة أو دابة وشبهها، وهو قول عطاء والحسن، وقيل: هى محكمة مخصوصة أيضاً والمراد بها أنفال السرايا (٢).

وقوله: " نزلت فى أربع آيات " ولم يذكر منها هنا غير واحدة فى هذا الحديث، وقد جاءت الآيات الأربع مذكورة في كتاب مسلم بعد هذا فىِ كتاب الفضائل وقصصها: آية بر الوالدين وتحريم الخمر: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِي} الآية (٣)، وآية الأنفال (٤).

وقوله: " بعث النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سرية قبل نجد فغنموا إبلاً كثيرة، فكانت سهمانهم اثنا عشر أو أحد عشر بعيراً، ونُفِّلوا بعيراً بعيراً "، قال الإمام: النفل عندنا من الخمس يفعله الإمام على حسب الاجتهاد، وعند المخالف أنه من رأس الغنيمة قبل الخمس.

قال القاضى: حكى منذر بن سعيد عن مالك؛ أن الأنفال من خمس الخمس.

قال القاضى: وهو قول ابن المسيب والشافعى وأبى حنيفة والطبرى، والمعروف عن مالك ما تقدم من أنه لا نفل إلا بعد القسم من الخمس. وأجاز الشافعى النفل قبل إحراز الغنيمة وبعدها، وهو قول أبى ثور والأوزاعى وأحمد والحسن البصرى وجماعة (٥). وقد اختلف فى نفل ابن عمر هذا، هل كان قبل القسم أو بعده؟ واختلفت الآثار فى ذلك. وفى مسلم ما يدل أنه بعد القسم من الخمس نص فى أحاديث ذكرها، وأيضاً فإن قوله: " نفلوا


(١) الأنفال: ١.
(٢) انظر: تفسير القرطبى ٨/ ٢ وما بعدها.
(٣) الأنعام: ٥٢.
(٤) مسلم، ك فضائل الصحابة، ب فى فضل سعد بن أبى وقاص (١٧٤٨/ ٤٣). والآيات: لقمان: ١٥، والمائدة: ٩٠، والأنعام: ٥٢، والأنفال: ١.
(٥) انظر: المغنى ١٣/ ٥٣ وما بعدها، الاستذكار ١٤/ ١٠٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>