للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كَانَ فِى آبَائِهِ مَلِكٌ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ رَجُلٌ يَطلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ. وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ، أَضُعَفَاؤُهُمْ أَمْ أَشْرَافُهُمْ؟ فَقُلْتَ: بَلْ

ــ

بالتقديم فى أمور المسلمين ومهمات الدنيا والدين؛ ولذلك جعلت الخلافة على قول دهاة المسلمين، وصحيح الآثار فى قريش؛ ولأن ذوى الأحساب أحفظ على تدنيس أحسابهم بما لا يليق بهم.

وقوله فى الضعفاء: أتباع الرسل دون أشرافهم: لأن الرياسة (١) والشرف يأبى من انحطاطه لغيره وتسويد غيره عليه برياسة، وأنفسهم تأنف من الاتباع إلا من هداه الله - سبحانه - لرشده. والضعفاء ليس عليهم معنى للشيطان من ذلك، فكانوا أقبل للاتباع وأطوع للهدى من أولئك، وأعدم لأسباب الأنفة [و] (٢) الحسد فى الظهور منهم.

وقوله: " كذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب ": أصل البشاشة: اللطف بالرجل وتأنيسه، يقال: بش وبشش. وهذه الرواية أصح من رواية: " بشاشة القلوب ".

قال الإمام: الذى استدل به هرقل على نبوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما لا ينتصب دليلاً قاطعاً عند المحققين، وإنما الدليل القاطع على النبوءة المعجزات الخارقة للعادات المعلوم منها المعارضات.

وأما قوله: " ذو حسب "، وكون أتباعه شرفاء أو ضعفاء يزيدون أو ينقصون، وهل الحرب سجال أم لا؟ فليس بأدلة قاطعة على نبوة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما قلنا. ولعل هرقل كان عنده أخبار عن كون هذه علامات فى هذا للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد قال فى الحديث: " وقد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أظن أنه منكم ".

وكتابته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليه فيه دلالة على أن اليسير من القرآن كالآية ونحوها بخلاف حكم كثيره؛ لأن القرآن لا يسافر به إلى بلد الحرب (٣) والجنب أبيح له منه الآية والآيتان على جهة التعوذ.

وقوله: " الحرب سجال ": أصل المستقيان بالسجل يكون لكل واحد منهما سجل. والسجل: الدلو الملأى.

وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ": قال الإمام: ويروى " اليريسيين " (٤) بالياء و " الأريسيين " بالهمزة، وقد اضطرب فى معنى هذه اللفظة


(١) فى الأصل: الدياسة، وهو تصحيف، والمثبت من س.
(٢) فى الأصل: فى، ولا معنى لها.
(٣) الاستذكار ١٤/ ٥٢ وما بعدها.
(٤) رواية حسن الحلوانى، وعبد بن حميد. قال الخطابى: روى هكذا بالياء جميع روايات البخارى. انظر: أعلام الحديث للخطابى ١/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>