للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فى امرأته (١): وهن شرَّ غالب لمن غلب.

وقول صاحبة أم زرع: " وأغلبه والناس تغلب " (٢)، وقول [معاوية] (٣): يغلبن الكرامَ ويغلبهن اللئام.

وقوله: " ناقصات عقل أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل "، قال الإمام: هذا تنبيه منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ما وراءه لأنه ليس فى [هذا] (٤) الوصف بقصور شهادتهما عن شهادة الرجل بمجرده دليل على نقص العقل حتى يتم بما نبَّه الله عليه سبحانه (٥) فى كتابه، منِ أن ذلك لأجل قلة ضبطها (٦)، وذلك قوله تعالى: {أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخرى} (٧).

وقد اختلف الناس فى العقل ما هو؟ فقيل: العلم، وهذه طريقة من اتبع حكم اللغة؛ لأن العلم والعقل فى اللسان بمعنى واحد، ولا يفرقون بين قولهم عَقلْت وعلمْت، وقيل: العقل: بعض العلوم الضرورية. وقيل: هو: [قوة] (٨) يُميَّز بها بين حقائق المعلومات.


(١) واسمه عبد الله بن الأعور المازنى، وكان من قصته أنه كانت عنده امرأةٌ يقالُ لها: معاذة، خرجَ فى رجب يمير أهله من هجر، فهربت امرأته ناشزاً عليه وعاذت برجل من مازن يقال له: مطرّف بن نهشل، فلما قدم لم يجدها فى بيته، وأخبر أنها نشزت عليه، وأنها عاذت بمطرف بن نهشل، فأتاه فقال: يا ابن عم، أعندك امرأتى معاذة؟ فادفعها إلىَّ. قال: ليست عندى، ولو كانت عندى لم أدفعها إليك. وكان مطرف أعزَّ منه، فخرج الأعشى حتى أتى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعاذ به، فأنشأ يقول:
يا سيّد الناس وديَّان العرب ... إليك أشكو ذُرْبةً من الذُّرَب
كالذئبةِ العنْساءِ فى ظِلّ السَّرَب ... خَرجْتُ أبغيها الطعام فى رَجَبْ
فَخلّفَتنى بنزع وهَرَبْ ... أخْلَفَت الوَعْد ولطّت بالذنب
وقذفتنى بين عصْرِ مؤتَشبْ ... وهُنَّ شَرُّ غالب لمن غلب
وعند ذلك قال النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وهن شَرُّ غالب لمن غلب "، وكتب له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مطرف: " انظر امرأة هذا معاذة فادفعها إليه "، فأتاه كتاب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقرئ عليه، فقال لها: يا معاذة، هذا كتاب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيك، فأنا دافعك إليه.
ومعنى الذربة: السليطة اللسان، ولطَّت بالذنب: أى جعلته بين فخذيها عند العدو، والمؤتشب: الملتف المشتبك، والعصر: هو اليابس من عيدان الشجر.
(٢) سيأتى إن شاء الله فى حديث أم زرع برقم (٩٢).
(٣) ساقطة من الأصل.
(٤) من المعلم.
(٥) زيد بعده فى المعلم: عليه، ولا حاجة إليه.
(٦) فى الإكمال: ضبطهما، والمثبت من المعلم.
(٧) البقرة: ٢٨٢.
(٨) من المعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>