للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى كَتِيبَةٍ. قَالَ: فَنَظَرَ فَرَآنِى. فَقَالَ: " أَبُو هُرَيْرَةَ ". قُلْتُ: لَبَّيْكَ، يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ: " لا يَأتِينِى إِلا أَنْصَارِىٌّ ".

زَادَ غَيْرُ شَيْبَانَ: فَقَالَ: " اهْتفْ لِى بِالأَنْصَارِ ". قَالَ: فَأَطَافُوا بِهِ، وَوَبَّشَتْ قُرَيْشٌ أَوْبَاشًا لَهَا وَأَتْبَاعًا. فَقَالُوا: نُقَدِّمُ هَؤُلاءِ، فَإِنْ كَانَ لَهُمْ شَىْءٌ كُنَّا مَعَهُمْ، وَإِنْ أُصِيبُوا أَعْطَيْنَا الَّذِى سُئِلْنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَرَوْنَ إِلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعِهِمْ "، ثُمَّ قَالَ بَيدَيْهِ، إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى. ثُمَّ قَالَ: " حَتَّى تُوَافُونِى بِالصَّفَا ". قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فَمَا

ــ

كاملة حسراً، ليس عليهم كبير سلاح. وبينه فى الحديث الآخر: " وجعل أبا عبيدة على البياذقة وبطن الوادى " أى الرجالة. واْصله بالفارسية: أصحاب ركاب الملك ومن يتصرف فى أموره. كذا رويناه فى هذا الحرف هنا.

وقد وقع فى بعض روايات " الساقة " (١) مكان " البياذقة " و " الجيش " مكان " الحسر " فى الرواية الأخرى. ورواه بعضهم: " الشارفة " مكان " البياذقة " وفسروه: الذين يشرفون على مكة وليس بشىء، والأول أظهر؛ لأنه ذكر أنه قدم على المجنبتين خالداً على الواحدة، والزبير على الأخرى، وكان هو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى القلب فى الدارعين من المهاجرين والأنصار، وقدم أبا عبيدة على الرجالة، وقد يعبر بها عن ساقة الجيش، وقد تكون ساقة ورجالة فيجتمع الوصفان وهم الحسر أيضاً.

وقوله: " وبطن الوادى ". أى جعل طريقه بطن الوادى كما بينه فى الحديث الآخر: " فأخذوا بطن الوادى "، وهذا يبطل رواية " الشارفة " المتقدمة ويناقضه.

وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اهتف لى بالأنصار ": أى ادعهم لى.

وقوله: " لا يأتنى إلا أنصارى " فأطافوا به: ثقة منه بهم واستماعه إليهم، وتقريباً لهم لما قرب من داره وقومه، وقد كان معه هناك المهاجرون - أيضاً - يحيطون به، كما كان فى كتيبته، ومعنى " يهرولون ": يسرعون، وإنما أراد: لا يأتنى من قابل العرب النافرين معه - والله أعلم - غير الأنصار. وهذا يجمع بين ما جاء فى البخارى (٢) من أن كتيبة الأنصار كانت مع سعد بن عبادة، وأن كتيبة المهاجرين مع الزبير فيهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وبعض ما جاء فى السير أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في كتيبة من المهاجرين والأنصار، فيدل ما فى كتاب مسلم أنه دعا الأنصار فجمعهم بعد افتراقهم، أو أنه فرقهم بعد هذا الاجتماع بذى


(١) هذه الرواية ليست فى صحيح مسلم.
(٢) البخارى، ك المغازى، ب أين ركز النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الراية يوم الفتح ٥/ ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>