للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فى قتله إذا تركها متهاوناً (١)، وإن قال: أصلى وفى استتابته وتأخيره.

فذهب (٢) مالك [رحمه الله] (٣) أنه يؤخَّر حتى يخرجَ الوقتُ، فإن خرج ولم يصل قُتل. والصحيح أنه عاص غير كافر لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّه لا يَغْفِر أَن يُشْرَكَ بِهِ ويغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} (٤)، وأن يُقتل إن أبى منها لقوله تعالى: {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاة} الآية (٥)، ولقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم " (٦).

واختلف العلماء فى أخوات الصلاة كالزكاة والصيّام والحج والوضوء والغسل، هل يقتل الأبىُّ منها المعترفُ بفرضها أو يعاقب؟ وهل [هو] (٧) كافر أو عاص؟

ومذهب مالك فيمن أبى من ذلك فقال: لا أتوضأ ولا أصوم يُستتابُ، فإن تاب وإلا قُتِل، وإن قال: لا أزكى أخِذت منه كُرهاً، فإن امتنع قوتل، وإن قال: لا أحُج لم يجبر لكون فرضه على التراخى دون الفور (٨).

وقال ابن حبيب (٩): من قال عند الإمام: لا أصلى وهو فرضٌ على قُتل ولا يُستتاب، وكذلك من قال عنده: لا أتوضأ ولا أغتسل من جنابة ولا أصوم رمضان. قال ابن حبيب: من ترك الصلاة عامداً (١٠) أو مُفَرِّطاً [فهو] (١١) كافر، ومن ترك أخواتها


(١) فقد أخرج الخلال عن أبى شُميْلة أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج إلى قُباء، فاستقبله رهطٌ من الأنصار يحملون جنازةً على باب، فقال النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما هذا؟ ". قالوا: مملوك لآل فلان، كان من أمره. قال: " أكان يشهد أن لا إله إلا الله؟ ". قالوا: نعم، ولكنه كان وكان. فقال لهم: " أما كان يُصلى؟ " فقالوا: قد كان يُصلى ويَدَعُ. فقال لهم: " ارجعوا به فغسّلوه، وكفّنوه، وصَلُّوا عليه، وادفِنوه، والذى نفسى بيده، لقد كانت الملائكة تحول بينى وبينه ".
وللدارقطنى بإسناده عن عطاء عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صَلُّوا على من قال: لا إله إلا الله "، السنن، ك الصلاة، ب صفة من تجوز الصلاة معه والصلاة عليه ٢/ ٥٦.
(٢) فى الأصل: ومذهب.
(٣) من ت.
(٤) النساء: ٤٨، ١١٦.
(٥) التوبة: ٥، ١١.
(٦) سبق أول الكتاب برقم (٣٦).
(٧) ساقطة من الأصل.
(٨) حكاها القرطبى باختصار قليل بغير عزو.
(٩) هو فقيه الأندلس أبو مروان، عبد الملك بن حبيب، وُلد فى حياة الإمام مالك بعد السبعين ومائة. وارتحل فى حدود سنة عشر ومائتين وحج، وحمل عن عبد الملك بن الماجشون، ومطرف، وعدَّة من أصحاب مالك والليث، ورجع إلى قرطبة بعلم جمّ، وفقه كثير. وحدث عنه بقىُّ بن مخلد، ومحمد بن وضَّاح. مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين. سير ١٢/ ١٠٢.
(١٠) فى الأصل: متعمداً، وفى هامش الأصل: عمداً.
(١١) ساقطة من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>