للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٨ - (...) حدّثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِىُّ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، كِلاهُما عَنْ عَلِىِّ بْنِ مُسْهِرِ، قَالَ مِنْجَابٌ: أَخْبَرَنا ابْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، وَلا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرِياءَ ".

ــ

باب العمل الذى يستند إلى خبر الواحد (١)، ومنعه آخرون لأنه راجع إلى اعتقاد ما يحب ويجوز ويستحيل على الله، وباب هذا القطع، والصواب جوازه لاشتماله على العمل ولقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} الآية (٢).

والجمال المذكور فى هذا الحديث وغيره هو الحسن، والجميل: الحسنُ من كل شىء (٣).

وقوله: " الكبر بَطَرُ الحق وغمُط الناس ": وفى رواية أخرى: " وغمص الناس "، قال: ومعنى " بَطر الحق ": إبطاله، مأخوذ من قول العرب: ذهب دمه بَطْراً وبَطَراً، أى: باطلاً.

قال الهروى: قال الأصمعى: البَطرُ: الحيْرَة، ومعناه: أن يتحير عن (٤) الحق فلا يراه حقاً. وقال الزجاج: البَطرُ أن يتكبر عند (٥) الحق فلا يقبله.

وقوله: " وغمط الناس " معناه: استحقارهم واستهانتهم. يقال: غمط الناس - بطاء غير معجمة - وغمصهم - بصاد غير معجمة - ومعناهما واحد، وكذلك غَمْط النعمةِ وغمْصُها.


(١) وقالوا أيضاً: إن المنع حكم شرعى، والفرض أنه لم يرد فيه شىء وقد رُدَّ عليه بأن الجواز حكم شرعى، فالصواب الوقف. حكاه الأبى وقال: " وهو مذهب الإمام " ١/ ٢٠٠.
(٢) الأعراف: ١٨٠.
(٣) أقول: فهل يجوز على هذا أن نطلق على الله - جل علاه - الحسن؟!
إن الصواب فى غير ما رجحه القاضى، فلقد أثبتت التجارب أن أعداء الإسلام يعمدون إلى التسميات المصطنعة ليستروا بها أغراضهم ويتوسلوا بها لنزع مهابة الأسماء الحسنى من قلوب المسلمين، كما يفعل الماسون من تسميتهم للحق تبارك وتعالى بـ " المهندس الأعظم " وفارق غير بين ما سمى الله به نفسه وما يجتهد فيه الناس له، ثم إن الله رب العالمين لم يأذن لنا بالاجتهاد فى ذلك، فلم يسوغ لنا الدعاء له والتقرب إليه فى غير ما أوحى لنا به على لسان رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(٤) فى نسخ الإكمال: عند.
(٥) فى نسخ الإكمال: عن.

<<  <  ج: ص:  >  >>