للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣ - (...) وَحَدَّثَنِى حَرْمَلةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِى إِدْرِيسَ الخَوْلانِىِّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا ثَعْلبَةَ الخُشَنِىَّ يَقُولُ: نَهَى رَيمولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِى نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ عُلمَائِنَا بِالحِجَازِ، حَتَّى حَدَّثَنِى أَبُو إِدْرِيسَ، وَكَانَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الشَّامِ.

ــ

وأما نهيه عن كل ذى مخلب من الطير (١)، فبه قال أبو حنيفة والشافعى، ومذهبنا أن أكلها ليس بحرام، ولعل أصحابنا يحملون هذا النهى على التنزيه، ويرون أنها قد تكون تتصيد السموم ما يخشى منه على أكلها. وهذا ضعيف، ولا يمكن ترك الأحاديث على هذا التشديد، لكن إنما يجب النظر بين الآية وهذا الحديث. وقد تكون الآية تقتضى جواز أكل كل ذى مخلب أو لا تقتضيه، وقد نبهنا على التخفيف (*) فى ذلك. فإن كان لا يقتضيه نُظِر فى النهى، هل يُحمل على التحريم أو الكراهة؟ وفيه خلاف بين أهل الأصول. ونُظِر - أيضاً - فى قول الراوى فيها، ولم يكن لفظ النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هل يوجد (**) بذلك على ظاهره أم لا؟ وهذا أيضاً مبسوط فى كتب الأصول فهذا التحقيق فيه.

قال القاضى: الخلاف فى أصل هذا الباب على ما ذكره، لكن الاختلاف عندنا فى الكراهة، والتحريم عند مالك إنما هو فى السباع العادية، فأما عداها فلا خلاف عندنا أنها غير محرمة. وقد أجاز ابن كنانة من أصحابنا ما لم يفترس ويأكل اللحم، وقال: لم يأت فيه نهى. ثم وقع خلاف آخر بين المحرمين لأكلها فى أعيان السباع ومن غيرها، فاختلفوا فى الضبع والثعلب والهرة والآنس والوحشى وشبهه، فأجاز الشافعى أكل الضبع وهو قول أحمد وإسحاق وأبى ثور، ولم يروها من السباع ورأوها صيداً، وهو قول على بن أبى طالب - كرم الله وجهه - وجماعة من الصحابة والسلف. ومنع أكلها الآخرون، وكرهها مالك فى أحد قوليه ورآها من السباع، وأجاز الشافعى أيضاً أكل الثعلب، وهو قول طاووس وقتادة وأبى ثور، وحرمها الآخرون، وكرهه مالك. وأجاز الليث أكل الهر، ومنعه الآخرون. وأحل مالك أكل الآنس منها والوحشى.

واختلفوا فى القرد، فمنعه عكرمة ومجاهد والشافعى والحسن ومكحول وعطاء وابن حسن من أصحابنا. قال الباجى: والأظهر من قول مالك وأصحابه أنه ليس بحرام (٢).


(١) حديث رقم (١٦) بالباب.
(٢) قال الباجى فى المنتقى ٣/ ١٣٢: وأما القرد، فعند ابن حبيب: لا يحل لحم القرد. وقال الباجى: والأظهر عندى أنه ليس بحرام لعموم الآية، ولم يرد فيه ما يوجب تحريماً ولا كراهية، فإن كانت كراهية فلاختلاف العلماء - والله أعلم.
(*) قال معد الكتاب للشاملة: لعل صوابه "التحقيق"، وهو المثبت في المعلم للمازري (٣/ ٧٤)
(**) قال معد الكتاب للشاملة: لعل صوابها "قول الراوي: (نهي)، ولم (ينقل) لفظ النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هل (يؤخذ) ... "، وهو المثبت في المعلم للمازري (٣/ ٧٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>