للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ - يَعْنِى ابْنُ كَثِيرٍ - قَالَ:

ــ

وشائق، وأن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لهم حين ذكروا ذلك له: " هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم منه شىء فتطعمونا؟ "، وأنه أكل منه.

قال الإمام: جميع ما فى البحر مباح عند مالك على الجملة على اختلاف أشكاله وأسمائه، حية وطافية، لكنه توقف (١) فى خنزير الماء واستثنى الشافعى الضفدع، وقال أبو حنيفة: ما سوى السمك لا يؤكل، ومنع من أكل الطافى، وأجاز ما مات بسبب كالذى يجذر عنه الماء فيموت، أو يموت من شدة حر أو برد.

ولنا فى إباحة جميع ما فيه على الإطلاق، قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} (٢) فعم.

وإنما توقف مالك فى خنزير الماء لأن هذه الآية يقتضى عمومها الإباحة. وقوله عز وجل: {وَلَحْمَ الْخِنزِير} (٣) يقتضى تحريمه إن صح أن يسمى خنزيراً فى اللغة، فلما تعارض العمومان توقف، أو يكون لم يتوقف من ناحية التعارض، لكن من ناحية التسمية؛ هل هى بائنة فى اللغة أم لا؟ ولنا فى إباحة الطافى منه قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هو الطهور ماؤه، الحل ميتته " (٤)، وحديث أبى عبيدة هذا، وقد ذكر أن النبى أكل منه اختياراً، وتضمن حديث أبى عبيدة أيضاً الرد على أبى حنيفة فى منعه ما سوى السمك؛ لأن هذه الدابة - التى تسمى العنبر - الظاهر أنها ليست من السمك.

وأما منع أبى حنيفة والشافعى الضفدع فلعلهما تعلقا بما خرجه النسائى؛ أن طبيباً ذكر ضفدعاً فى دواء عند النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن قتله (٥)، لعل هذا الحديث لم يثبت عند مالك، أو يحمل إن ثبت على الاستحباب.

قال القاضى: ظاهر قول أبى (٦) عبيدة: " ميتة "، ثم قال: " لا، أنتم مضطرون " أنه حكم لهم بحكم الميتة، وإنما الاستباحة للاضطرار. وفيه: " زودهم منها الوشائق "، ففيه على هذا الظاهر حجة فى جواز التزود من الميتة للمضطر والشبع. وقد اختلف فى


(١) فى الأصل: يقف، والمثبت من ع.
(٢) المائدة: ٩٦.
(٣) البقرة: ١٧٣، المائدة: ٣.
(٤) أبو داود، ك الطهارة، ب الوضوء بماء البحر ١/ ١٩ رقم (٨٣)، الترمذى ك الطهارة، ب ما جاء فى البحر أنه طهور ١/ ١٠١ رقم (٦٩)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، النسائى فى الكبرى ك الطهارة، ب ماء البحر، رقم (٥٨)، ابن ماجه، ك الطهارة، ب الوضوء بماء البحر ١/ ١٣٦ رقم (٣٨٦)، كلهم عن أبى هريرة - رضى الله عنه.
(٥) النسائى فى الكبرى، ك الصيد، ب الضفدع عن عبد الرحمن بن عثمان ٣/ ١٦٦.
(٦) فى الأصل: أبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>