للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيُضَحِّىَ بِهِ. فَقَالَ لهَا: " يَا عَائِشَةُ، هَلمِّى المِدْيَةَ ". ثُمَّ قَالَ: " اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ "،

ــ

وقوله: " فسمى وكبر " وفى الحديث الآخر: " فقال بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد وأمة محمد "، وتولى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذبح أضحيته بيده سنة فى الضحايا مستحبة تولى ذلك بيده. قال مالك: وذلك من التواضع، ولأنها نسك وفدية ودم مهراق لله فنحر لنا، فيستحب أن يتولاه ويجوز أجره، ولا يوليه غيره، فإن ولى ذلك مسلماً أجزأه، والأولى توليه بيده إلا من عذر، وكذلك الهدى فإن ولاه ذمياً فاختلف عندنا، هل يجزيه عن الضحية أم لا؟ ورأى مالك فى أحد القولين: عليه الإعادة؛ إذ هى قربة لا تصح على يد كافر، وكره ذلك جماعة من السلف وعامة أصحاب الفتوى وأئمة الأمصار إلا أنهم قالوا: تجزئ إذا فعل ذلك عطاء ابتداء. وفى الحديث الآخر قال: " باسم الله ".

وقوله: " فسمى وكبر ": فيه التسمية على الضحية والذبيحة، وقد تقدم ذكر صفة التسمية والتكبير، وهو استحباب كافة العلماء، ولا خلاف أن " باسم الله " تجزئ فيها. قال ابن حبيب: وكذلك لو قال: " الله أكبر " فقط و " لا إله إلا الله " أو " باسم الله " أو شيئاً من كل تسمية. ولكن ما مضى عليه العمل من " باسم الله، والله أكبر " أحسن. وقال نحوه محمد بن الحسن، قال: ولو قال: " الحمد لله " ولا يريد بذلك تسمية لم يجزه ولا يؤكل، وقاله الشافعى. ولا يجزئ شىء من ذلك عند أبى ثور، وقال: التسمية كالتكبير فى الصلاة، لا يجزئ من ذلك غيرها. وكره كافتهم من أصحابنا وغيرهم الصلاة على النبى عند التسمية فى الذبح أو ذكره، وقالوا: لا يذكر هنا إلا الله وحده، وأجاز الشافعى الصلاة عليه عندنا (١).

وقوله: " اللهم تقبل من محمد وآل محمد وأمة محمد ": أجاز أكثر العلماء من أصحابنا وغيرهم أن يقول فى الضحية: " اللهم تقبل منى " اقتداء بقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. واستحب ذلك بعض أصحابنا، واستحب بعضهم أن يقول ذلك بعد الآية: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (٢). وكره أبو حنيفة أن يقول شيئاً من ذلك عند الذبح والتسمية، قال: ولا بأس به قبل ذلك، وكره مالك قولهم: " اللهم منك وإليك "، وقال: هذه بدعة. وأجاز ذلك الحسن وابن حبيب من أصحابنا.

وقوله: " اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد " حجة لمالك وكافة علماء الأمصار فى تجويز ذبح الرجل عنه وعن أهل بيته الضحية، وإشراكهم فيها معه، مع استحباب مالك أن يكون واحد عن كل واحد. وكان الثورى وأبو حنيفة وأصحابه


(١) انظر: الاستذكار ١٥/ ١٣٦ وما بعدها.
(٢) البقرة: ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>