للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٢ - (١٦٨) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاد وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ - وَاللَّفْظُ لابْنِ عَبَّادٍ - قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ، أَخْبَرَنَا يُونُس، عَنِ الزُّهْرِىِّ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُسَيّبِ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِىَ لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ بِإِيليَاءَ بِقَدَحَيْنِ منْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَأَخَذَ اللَّبَنَ. فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلامُ -: الْحَمْدُ للهِ الَّذِى هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ، غَوَتْ أُمَّتُكَ.

(...) وَحَدَّثَنِى سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: أُتِىَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بِمِثْلِهِ. وَلَمْ يَذْكُرْ: بِإِيليَاءَ.

ــ

وقد سُئل مالك عن مثل هذا على الجملة فكرهه، وسئل - أيضاً - فيما يشبه فى الرجل يدخل الحائط فيجد التمر ساقطاً، فمنعه إلا أن يعلم أن نفس (١) صاحبه تطيب بذلك، أو يكون محتاجًا. وقد تقدم الكلام على هذه المسألة، وهل يغرم المضطر؟ ومن أباح ذلك ومنعه قيل آخر الأقضية.

وقوله: " أتى ليلة الإسراء بقدحين من خمر (٢) ولبن فأخذ اللبن، فقال جبريل له: الحمد لله الذى هداك للفطرة، لو أخذت الخمر غوت أمتك ": قيل فى قوله لأخذه اللبن: هداك للفطرة؛ لأن اللبن أول ما يتغذاه الصبى، وأصل الفطرة: الابتداء، فاستدل من ذلك على الجبلة التى خلق الله عليها بنى آدم فى صلب أبيهم من الإسلام، كما قال - عليه السلام -: " كل مولود يولد على الفطرة " (٣)، وقد يحتمل أنها علامات وصفها الله لجبريل ليعلم بظاهرها ما قسمه الله لمحمد - عليه السلام - ولأمته من الهداية، ويحتمل أنه لما كان اللبن غذاء الأجسام ومصلحة لهم مجردة عن المضار غالباً فى دنياهم، دل أخذه له على توفيقه، وسداد أمته لما فيه مصلحتهم فى أحوالهم وهدايتهم لذلك. ولما كانت الخمر تذهب العقول وتثير الفحشاء والعداوة والبغضاء، دل على خلاف ذلك.

وقوله: " غويت وغويت أمتك ": أى ملت عن الخير والاستقامة والغى والانهماك فى الشر. وفيه حجة على تحريم الخمر؛ لأن ما هو سبب للغى والفساد محرم، وبهذا وضعها الله وعلل تحريمها فى الآية.


(١) فى الأصل. يفسق، والصواب من ح.
(٢) فى الأصل: خبر، والصواب من الصحيحة المطبوعة، ح.
(٣) سبق تخريجه، وهو فى البخارى ٢/ ١٢٥، أبو داود ٤/ ٢٢٩ رقم (٤٧١٤)، أحمد ٢/ ٢٣٣، ٢٧٥، موطأ مالك ١/ ٢٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>