للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: أَحَرَامٌ هُوَ؟ فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا، وَلَكِنِّى أَكْرَهُهُ ". قَالَ: فَإِنِّى أَكْرَهُ مَا تَكْرَهُ، أَوْ مَا كَرِهْتَ.

قَالَ: وَكَانَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى.

ــ

وقوله فيه: " وكان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يؤتى ": كذا فى روايتنا، وفى بعض الروايات: " يؤتى بالوحى " وهو معناه، وتفسره الأحاديث الأخر: " إنى أناجى من لا تناجون، وإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم " (١).

وفى إرساله فضلة الطعام الذى كان يوجهه إليه أبى أيوب: أدب من آداب الطعام، أن يفضل الآكل والشارب مما يأكل ويشرب، وقد أمر السلف بذلك، قد يحتمل أن يكون هذا الطعام الموجه به إلى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان عشاء جميعهم، فكانوا يبدؤون بالنبى - عليه السلام - فيأخذ حاجته ويبقى فضله.

ونزول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولاً عند أبى أيوب فى السفل فسره فى الحديث: " هو أرفق بى "؛ لقلة العناء له فى طلوع العلو والمشقة فى ذلك، ولمن يغشاه - أيضاً - من المسلمين، فيكون من فى السفل (٢) أستر (٣) وأرفق لقلة العناء له فى طلوع العلو، والمشقة بهم هم أيضاً، لكن أبا أيوب استقبح بقاءهم فوق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى العلو ومشيه فوق رأسه، ومخافة ما يناله فى ذلك من ضرر من شىء يسقط عليه لتحركهم فوقه، أو ما ينصب من ماه وغيره، فلم يزل به حتى نقله، فآثر - عليه السلام - فى ذلك أخف الضررين.

وتتبعه مواضع أصابع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الطعام تبركاً بذلك.

وكراهة أبى أيوب لما كره النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مما تقدم؛ لحبهم ما أحبه، وأن هذا كله من تمام الإيمان، ومحبة النبى - عليه السلام - لأن من أحب أحداً أحب ما يحب، وكره ما يكرهه، وقد قال الله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (٤).

وقول مسلم فى سند هذا الحديث: حدثنا حجاج بن الشاعر وأحمد بن سعيد بن صخر (٥)، قال: حدثنا أبو النعمان، قال: حدثنا ثابت فى رواية حجاج بن يزيد - أبو زيد الأحول - حدثنا عاصم. كذا فى أصل الكتاب، وكذا ضبطناه عند شيوخنا، إلا أنه كان


(١) أخرجه البخارى فى بدء الوحى، ب الأحكام التى تعرف بالدلائل ٩/ ٣٥.
(٢) فى الأصل: العلو، والمثبت من ح.
(٣) فى ح: أيسر، والمثبت من الأصل.
(٤) آل عمران: ٣١.
(٥) فى ح: حجر، والمثبت من الصحيحة المطبوعة والأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>