للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" إِنَّ المَلائِكَةَ لا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ ".

قَالَ بُسْرٌ: ثُمَّ اشْتَكَى زَيْدٌ بَعْدُ، فَعُدْنَاهُ، فَإِذَا عَلَى بَابِهِ سِتْرٌ فِيهِ صُورَةٌ، قَالَ: فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللهِ الخَوْلانِىِّ - رَبَيْبِ مَيْمُونَةَ، زَوْجِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَمْ يُخْبِرْنَا زَيْدٌ عَنِ الصُّوَرِ يَوْمَ الأَوَّلِ؟ فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ: أَلَمْ تَسْمَعْهُ حِيْنَ قَالَ: إِلا رَقْمًا فِى ثَوْبٍ.

ــ

كل حال، أو لقبح روائحها، وهم يكرهون الروائح القبيحة، ويستحبون ضدها. أو لما نهى عن اتخاذها عوقب متخذها بذلك وتجتنب الملائكة دخول بيته غضباً عليه لمخالفته، فحرم بركتها وصلاتها، واستغفارها ومعونتها له على طاعة ربه، ومقاومة عدوه وشيطانه. وكذلك ممسك الصورة المنهى عنها.

وقال بعض العلماء: وهؤلاء الملائكة هم: ملائكة الوحى، فأما الحفظة فيدخلون كل بيت ولا يفارقون بنى آدم على حال (١).

وفيه حجة فى منع اتخاذ الكلاب فى الدور، والقرى، والبيوت، وحراسة السراق وغير ذلك، بخلاف ما رخص فيه من كلب الصيد والزرع والماشية (٢)، وأن الملائكة إنما لا تدخل البيت الذى فيه الكلب المنهى عن اتخاذه (٣).

وقوله: " فأمر بقتل الكلاب، فكان يقتل كلب الحائط الصغير، ويترك كلب الحائط الكبير ": للحاجة إلى حماية جوانبه. وحفظ أرجائه، بخلاف الصغير الذى يحميه ساكنه، ويستغنى عن كلب وغيره ممن يحميه، فأشبه اتخاذه فى الدور. وقد كرهه مالك وغيره من العلماء (٤)، وتقدم الكلام فيها فى كتاب البيوع.

وقولها: " جرو كلب تحت فسطاط لنا ": يقال بفتح الفاء وكسرها. الفسطاط: شبه الخباء، يريد به هاهنا: بعض حجر (٥) البيت؛ بدليل قوله فى الحديث الآخر: " تحت سرير عائشة " (٦). وأصل الفسطاط: عمود الأبنية التى يقام عليها. وفيه لغات أخر: فستاط بالتاء، وفسَّاط بتشديد السين وبضم الفاء، وبكسرهما فيهما أيضاً.

وقوله فى الصور: ألم تسمعه حين قال: " إلا رقماً فى ثوب "، وفى الحديث الآخر: " كان لنا ستر فيه تمثال طائر، وكان الداخل إذا دخل استقبله، فقال لى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:


(١) قال بهذا الخطابى. انظر: معالم السنن ١/ ١٥٤ (٢٢٧).
(٢) مسلم، ك المساقاة، ب الأمر بقتل الكلاب (٤٦).
(٣) قال به الخطابى. انظر: معالم السنن ١/ ١٥٤ (٢٢٧)، التمهيد ١٤/ ٢١٩.
(٤) انظر: التمهيد ٨/ ٤٠٥، المنتقى ٧/ ٢٨٩، المغنى ٤/ ٣٠٠.
(٥) فى ح: مجال جمع مجلة بالتحريك، وهو بيت كالقبة يستر به الثياب والستور، ويكون له أزرار.
(٦) أحمد فى المسند ٦/ ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>