للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَجَعَلَ الصَّبِىُّ يَتَلَمَّظُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حُبُّ الأَنْصَارِ التَّمْرُ "، وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ.

٢٣ - (...) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ ابْنٌ لأَبِى طَلْحَةَ يَشْتَكى، فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ، فَقُبِضَ الصَّبِىُّ. فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ: مَا فَعَلَ ابْنِى؟ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: هُوَ أَسْكَنُ مِمَّا كَانَ. فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ الْعَشَاءَ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا. فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ: وَارُوا الصَّبِىَّ. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: " أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟ ". قَالَ: نَعَمْ.

ــ

وقول النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حب الأنصار التمر، وسماه عبد الله "، ومثله فى حديث ابن الزبير: " وأنه مسحه وصلى عليه " أى دعى، كما قال فى الحديث الآخر، وذكر أيضاً فى حديث أبى موسى: " ولد لى غلام فأتيت به النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسماه إبراهيم، وحنكه بتمرة " وفى حديث سهيل (١): " أنه سمى ولد أبى أسيد: المنذر ": فى هذا كله جواز التسمى بالأسماء الحسنة والصحيحة المعنى والسالمة من الوجوه المتقدمة المذكورة، وأن قوله: " أحب الأسماء إلى الله: عبد الله وعبد الرحمن " غير مانع من التسمية بغير ذلك؛ إذ لو اقتصر الناس على التسمية بذلك وشبهه لاشتبهت الأسامى ولم يقع التمييز والتعارف التى لأجلها وضعت.

وفيه أن فعل [مثل] (٢) هذا من تحنيك الصبى مستحسن ولاسيما بالتمر؛ اتباعاً لفعل النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتبركاً باتباعه، وإنما فعلوا ذلك ليكون أول شىء يدخل فى جوفه ما خالط ذلك من ريق النبى - عليه السلام.

وفيه: جواز تسمية المولود حين يولد. وفيه ما كان - عليه السلام - من كرم الأخلاق وحسن العشرة من وضع الأطفال والمواليد على فخذه وفى حجره.

وفى قصة أبى طلحة وأم سليم وقولها فى ابنه حين مات: " هو أسكن مما كان " حتى تعشى أبو طلحة [وأم سليم] (٣) وأصاب من زوجته: ما كانت عليه أم سليم من الفضل والصبر والتسليم. وفيه جواز المعاريض، وأنها ليست من الكذب، كما يقال: فى المعاريض مندوحة عن الكذب؛ إذ أرادت هى سكون حركاته بالموت، وجاءت بلفظ مشترك، وفهم أبو طلحة منه سكون ما به من وجع وألم.

وقوله - عليه السلام -: " أعرستم الليلة ": كناية عن المجامعة، قال الأصمعى: يقال: أعرس الرجل: إذا دخل بامرأته، ولا يقال فى هذا: عرّس، وقال الخليل:


(١) فى ح: سهل.
(٢) ساقطة من ح.
(٣) سقط من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>