للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٢ - (٢١٨٨) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِىُّ وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ وَأَحْمَدُ بْنُ خِرَاشٍ - قَالَ عَبْدُ اللهِ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا - مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،

ــ

مجوزات العقول؟ والقطع إنما يختص بنفى الفعل عنها، وبإضافته إلى الله - سبحانه - فمن قطع من الأطباء المنتحلين للإسلام على انبعاث الجواهر بلا يد فقد أخطأ فى قطعه، وإنما التحقيق ما قلناه من تفصيل موضع القطع والتجويز. هذا القدر كاف فيما يتعلق بعلم الأصول.

وأما ما يتعلق بعلم الفقه، فإن الشرع ورد بالوضوء له فى حديث سهل بن حنيف (١) لما أصيب بالعين عند اغتساله، فأمر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عائنه أن يتوضأ. خرّجه مالك - رحمه الله - فى الموطأ (٢).

وصفة وضوء العاين عند العلماء: أن يؤتى بقدح من ماء، ولا يوضع القدح فى الأرض، فيأخذ منه غرفة فيتمضمض بها ثم يمجها فى القدح، ثم يأخذ منه ما يغسل به وجهه، ثم يغسل بشماله ما يغسل به كفه اليمنى، ثم بيمينه ما يغسل به كفه اليسرى، ثم بشماله ما يغسل به مرفقه الأيمن ثم بيمينه ما يغسل به مرفقه الأيسر، ولا يغسل ما بين المرفقين والكفين، ثم قدمه اليمنى، ثم اليسرى، ثم ركبته اليمنى، ثم اليسرى على الصفة المتقدمة والرتبة المتقدمة. وكل ذلك فى القدح ثم داخلة إزاره، وهو الطرف المتدلى الذى يلى حقه الأيمن. وقد ظن بعضهم أن داخلة الإزار كناية عن الفرج، وجمهور العلماء على ما قلناه. فإذا استكمل هذا صبه خلفه من على رأسه (٣).

وهذا العنى مما لا يمكن تعليله ومعرفة وجهه، وليس فى قوة العقل الاطلاع على أسرار المعلومات كلها، فلا يدفع هذا ألا يعقل معناه.

وقد اختلف فى العائن هل يُجبر على الوضوء للمعيون أم لا؟ واحتج من قال بالجبر بقوله فى الموطأ: " توضأ له " (٤) وبقوله فى مسلم " وإذا استغسلتم فاغسلوا " وهذا أمر يُحمل على الوجوب.

ويتضح عندى الوجوب ويبعد الخلاف فيه إذا خُشى على المعيون الهلاك وكان وضوء


(١) هو سهل بن حنيف بن واهب بن العكيم الأنصارى، والد أبى أمامة بن سهل، شهد بدراً والمشاهد، صحب عليًا - رضى الله عنه - من حين بويع فاستخلفه على البصرة، ثم شهد معه صفين، وولاه فارس. توفى بالكوفة سنة ٣٨ هـ. الاستيعاب ٢/ ٩٢، الإصابة ٢/ ٢٨٧.
(٢) الموطأ، ك العين، ب الوضوء من العين ٢/ ٩٣٨. وكذا أحمد فى المسند ٣/ ٤٨٦.
(٣) انظر: التمهيد ٦/ ٢٣٦، عارضة الأحوذى ٨/ ٢١٧.
(٤) الموطأ، ك العين، ب الوضوء من العين ٢/ ٩٣٨، وأحمد فى المسند ٣/ ٤٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>