للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

ــ

العائن مما جرت العادة بالبر به أو كان الشرع مما أخبر به خبراً عاماً ولم يمكن زوال الهلاك عن المعيون إلا بوضوء هذا العائن، فإنه يصير من باب من يتعين عليه إحياء نفس مسلم، وهو يجبر على بذل الطعام الذى له ثمن ويضر بذله، فكيف بهذا؟! هذا مما لا يرتفع الخلاف فيه.

قال القاضى: بقى من تفسير هذا الغسل على قول الجمهور، وما فسر به الزهرى وأخبر أنه أدرك العلماء يصفونه، واستحسنه علماؤنا مضى به العمل إن غسل العائن وجهه، إنما هو صبة واحدة بيده اليمنى، وكذلك [سائر] (١) أعضائه إنما هو صبه على ذلك العضو فى القدح، ليس على صفة غسل الأعضاء فى الوضوء وغيره، وكذلك غسل يده، وكذلك غسل داخلة الإزار، إنما هو إدخاله وغمسه فى القدح، ثم يقوم الذى فى يده القدح فيصبه على رأس المعين من ورائه على جميع جسده، ثم يكفأ القدح وراءه على ظهر الأرض، وقيل: يغتفله بذلك عند صبه عليه، هذه رواية ابن أبى ذئب عن ابن شهاب، وقد جاء وصف ابن شهاب من رواية عقيل بمثل هذا، إلا أن فيه البداية بغسل الوجه قبل المضمضة، وفيه فى صفة غسل كفه اليمنى مرة واحدة فى القدح وهو ياء زائدة وذكر فى غسل القدمين أنه لا يغسل جميعهما، وإنما قال: ثم يفعل مثل ذلك فى طرف قدمه اليمنى من عند أصول أصابعه، واليسرى كذلك.

" وداخلة الإزار ": هو ما فسرته، والإزار هنا المئزر وداخلته مما يلى جسده، وقيل: كناية عن موضعه من الجسد فقيل أراد مذاكيره كما يقال: فلان عفيف الإزار، يراد الفرج. وقيل أراد وركه إذ هو مقعد الإزار. وقد جاء فى حديث سهل بن حنيف من رواية مالك فى صفته. أنه قال للعائن: " اغتسل له. فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره " (٢) ومن رواية معمر: فغسل وجهه وظاهر كفيه ومرفقيه، وغسل صدره وداخلة إزاره وركبتيه وأطراف قدميه، ظاهرهما فى الإناء. قال: وحسبته قال: وأمره فحسى منه حسوات (٣).

وقد ذهب بعض شيوخ متكلمى أهل الباطن أن معنى قوله: " العين حق " يحتمل أن يريد به القدر والعين التى تجرى منها الأحكام والقضاء السابق، وأن ما أصاب بالعادة من ضرر عند نظر الناظر إنما هو بقدر الله السابق، لا شىء يحدثه الناظر فى المنظور؛ إذ لا يحدث المحدث فى غيره شيئاً، ولا هو محل قدرته لمحدثه، لكنه لما كان منهيًا عن تجديد


(١) ساقطة من ح.
(٢) أخرجه مالك فى الموطأ ٢/ ٩٣٩.
(٣) المصنف لعبد الرزاق ١١/ ١٤، التمهيد ٦/ ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>