للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا عَدْوَى "، فَأَبَى أَبُو هَرَيْرَةَ أَنْ يَعْرِفَ ذَلِكَ. وَقَالَ: " لا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ "، فَمَا رآهُ الحَارِثُ فِى ذَلِكَ حَتَّى غَضِبَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَرَطَنَ بِالحَبَشِيَّةِ. فَقَالَ لِلْحَارِثِ: أَتَدْرِى مَاذَا قُلْتُ؟ قَالَ: لا. قَالَ أَبُو هَرَيْرَةَ: قُلْتُ: أَبَيْتُ.

ــ

دواب فى البطن، وكانوا يعتقدون أن الصفر دابة فى البطن يهيج عند الجوع وربما قتلت، ويراها العرب أعدى من الجرب (١) وإلى هذا ذهب مطرف (٢) وابن وهب وابن حبيب (٣) من أصحاب مالك، وهو اختيار أبى عبيد (٤)، وقد تقدم ما فى مسلم من التفسير لهذا.

وأما قوله: " ولا هامة " فاختلف فيه، فقيل: كانت العرب تتشاءم بالهامة إذا سقطت على دار أحدهم، فيراها ناعية نفسه أو أحدًا من أهله، وإلى هذا التفسير ذهب مالك. وقيل: كانت العرب تعتقد أن عظام الميت تنقلب هامة تطير، فأنكر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا كله وأبطله، ويسمى الطائر الذى يعتقد خروجه من هامة الميت صيدًا (٥)، وجمعه أصدى، وقد قيل: إن المراد بالحديث هذا الطائر الذى يخرج من الرأس، قال لبيد:

فليس الناس بعدك فى بعير (٦) ... ولاهم غير أصداء وهام (٧)

وقال أبو زيد (٨): " هامة " مشددة الميم.

وأما الفأل بالهمز وجمعه فؤول، فقد فسره فى كتاب مسلم. والطيرة مأخوذة مما كانوا يعتادونه فى الطير ويعتقدونه فى البوارح (٩) والسوائح (١٠). وكان لهم فى التشاؤم والتيامن طريقة معروفة (١١)، وقيل: منها أخذ اسم الطيرة، وقال بعضهم: فإن الفأل


(١) ذكره أبو عبيد فى غريبه ١/ ٢٦، تهذيب الآثارص ٣٨ مسند على.
(٢) هو ابن عبد الله بن مطرف بن سليمان اليسارى الهلالى أبو مصعب المدنى، وهو ابن أخت الإمام مالك وكان أصم، روى عن مالك وتفقه به، وروى عنه البخارى فى صحيحه، توفى سنة ٢٢٠. تهذيب التهذيب ١٠/ ١٧٥.
(٣) نقل الباجى وذلك عن ابن وهب فى المنتقى ٧/ ٢٦٤، ونقل القرطبى عن مطرف وابن وهب وابن حبيب فى المفهم ٣ ق/ ٢١٢، والنووى فى شرح مسلم ١٤/ ٢١٥.
(٤) غريب الحديث لأبى عبيد بن سلام ١/ ٢٧.
(٥) فى ح: صدنى.
(٦) فى ح: نقير.
(٧) البيت نقله أبو عبيد فى غريبه، وعزاه للبيد وقال: إنه يرثى فيه أخاه أريد بن قيس أخو لبيد لأمه، وكذلك البيت فى اللسان فى موضعين، مادة " نقر " ومادة " صدى ". وأنظر: الاستيعاب ٣/ ٣٢٤ - ٣٢٦.
(٨) نقله أبو عبيد فى غريبه ١/ ٢٧، فتح البارى ١٠/ ١٩٧.
(٩) البارح: ما مر من الطير والوحش من يمينك إلى يسارك، والعرب تتطير به. انظر: النهاية ١/ ١١٤.
(١٠) فى ح: السوانح. وهو ما مر من الطير والوحش بين يديك من جهة يسارك إلى يمينك، والعرب تتيمن به؛ لأنه أمكن للرمى والصيد. النهاية ١/ ١١٤.
(١١) قال ابن حجر: أصل التطير أنهم كانوا فى الجاهلية يعتمدون على الطير، فإذا خرج أحدهم لأمر فإن رأى الطير طار يمنة تيمن به، وإن رآه طار يسرة تشاءم به. الفتح ١٠/ ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>