للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣٦ - (...) وحدّثنى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ - وَهُوَ عِنْدَنَا ابْنُ جَعْفَرٍ - عَنْ عُمَرَ بْنِ ناَفِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَوْمًا عِنْدَ هَدَمٍ لَهُ، فَرَأَى وَبَيصَ جَانٍّ. فَقَالَ: اتَّبِعُوا هَذَا الْجَانَّ فَاقْتُلُوهُ. قَالَ أَبُو لُبَابَةَ الأَنْصَارِىُّ: إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِى تَكُونُ فِى الْبُيُوتِ، إِلا

ــ

تبدو لنا ولا تؤذينا. وأظن مالكاً إنما ذكر هذا لما وقع فى كتاب مسلم: " فحرجوا عليها ثلاثاً " فلهذا ذكر: أحرج عليك. وأما قوله: " ذا الطفيتين ": فقال أبو عبيد (١): الطفية: خوص المقل، وجمعها طفا. وأراه شبه الخطين اللذين على ظهر الحية بخوصتين من خوص المقل. وقال بعض أصحابنا (٢): هما خطان أبيضان على ظهر الحية. والجنان: الحيات، وهى جمع جان. والجان: الحية الصغيرة، وقيل: الرضعة (٣) البيضاء. وأما الأبتر فهو الأفعى.

وحكى ابن مزين (٤) عن عيسى: أنه حمل على المذهب: أن الأبتر وذا الطفيتين يقتلان ولا ينذران وقد تقدم استثناؤهما فى كتاب مسلم (٥).

قال القاضى: قال الخليل (٦) فى ذى الطفيتين: هى حية لينة خبيثة. وأنشد:

كما تذل الطفا من رقية الراقى

وقوله: " يلتمسان البصر " (٧): معناه ما جاء فى الأم فى الرواية الأخرى: " يخطفان " وفى غيره: " يطمسان " (٨)، أى يذهبان به ويبطلانه. ومنه قوله (٩): التمست أحشاءه بالرمح.

وقوله: " يلتمعان البصر " (١٠) بمعنى ما تقدم. وفى حديث ابن مسعود: " لعل بصره سيلتمع " (١١) قال الهروى: أى يختلس (١٢)، ومنه: التمع لونه: إذا ذهب. قال الخطابى: يعنى باللدغ واللسع (١٣). وقد تقدم قول الزهرى فى الأم، وظاهره أشبه أنه خصوص بنفس النظر كأذى العائن بنظره - والله أعلم.


(١) غريب الحديث ١/ ٤٢.
(٢) منهم: ابن عبد البر فى التمهيد ١٦/ ٢٣.
(٣) فى الرسالة: الرقيقة.
(٤) هو يحيى بن زكريا بن إبراهيم بن مزين، له تآليف، منها تفسير الموطأ، وقيل عنه: أفقه من رؤى فى علم مالك وأصحابه، ت ٢٥٩هـ. انظر: ترتيب المدارك ٢/ ١٣٣.
(٥) انظر: تفصيل تفسير هذه الألفاظ فى العين ٦/ ٢١، النهاية ١/ ٣٠٨، المنتقى ٧/ ٣٠١.
(٦) انظر: العين ٧/ ٤٥٧.
(٧) حديث رقم (١٢٨)، (١٢٩) بالباب.
(٨) البخارى ٤/ ٩٧
(٩) فى الرسالة: قولهم.
(١٠) حديث رقم (١٣٥) بالباب.
(١١) رواه الطبرانى فى الكبير ٩/ ٢٩٥، ومجمع الزوائد ٢/ ٨٦.
(١٢) انظر: غريب الحديث ٤/ ٥٨.
(١٣) معالم السنن ٥/ ٤١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>