للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتى مِنَّا حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ. قَالَ: فَخَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْخَنْدَقِ، فَكَانَ ذَلِكَ الْفَتَى يَسْتأذِنُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْصَافِ النَّهَارِ فَيَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ. فَاسْتَأذَنَهُ يَوْمًا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خُذْ عَلَيْكَ سِلاحَكَ فَإِنِّى أَخْشَى عَلَيْكَ قُرَيْظَةَ ". فَأَخَذَ الرَّجُلُ سِلاحَهُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَإِذَا امْرَأَتُهُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ قَائِمَة، فَأَهْوَى إِلَيْهَا الرُّمْحَ لِيَطْعُنَهَا بِهِ، وَأَصَابَتْهُ غَيْرَةٌ. فَقَالَتْ لَهُ: اكْفُفْ عَلَيْكَ رُمْحَكَ، وَادْخُلِ الْبَيْتَ حَتَّى تَنْظُرَ مَا الَّذِى أَخْرَجَنِى. فَدَخَلَ فَإِذَا بِحَيَّةٍ عَظِيمَةٍ مُنْطَوِيَةٍ عَلَى الْفِرَاشِ، فَأَهْوَى إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ فَانْتَظَمَهَا بِهِ، ثُمَّ خَرَجَ فَرَكَزَهُ فِى الدَّارِ، فَاضْطرَبَتْ عَلَيْهِ، فَمَا يُدْرَى أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرعَ مَوْتًا، الْحَيَّةُ أَمِ الفَتَى؟ قَالَ: فَجِئْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ. وَقُلْنَا: ادْعُ اللهَ يُحْيهِ لَنَا. فَقَالَ: " اسْتَغْفِرُوا لِصَاحِبِكُمْ ". ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَآذِنُوهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ ".

١٤٠ - (...) وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا

ــ

أنصف النهار: إذا بلغ نصفه. وبعضهم يقول: إنما يقال: نصف وانتصف، ولم يعرف أنصف.

وقوله: " فرجع إلى أهله ": أى يطالع حالهم وما يحتاج إليه، لا سيما وقد جاء فى الحديث أنه كان حديث عهد بعرس. ويحتمل أن يكون استئذانه لتفقد حال أهله وتأنيسها لقرب عهدها به.

وقوله - عليه السلام -: " إن بالمدينة جناً قد أسلموا، فإذا رأيتم منها شيئاً فآذنوه ثلاثة أيام ": إعلام أن من الجن من قد أسلم بالمدينة، وأنه قد يتصور فى صور الحيات؛ ولهذا يذهب من ذهب إلى أن ذلك مخصوص بالمدينة؛ لتخصيصه إياها بالذكر. وحجة الآخر: أن تخصيصه بالمدينة حينئذ؛ إما لأنه كلم مسلمى المدينة من بنى آدم، وأعلمهم بحكمهم مع من أسلم منهم من جنها، وأنه إذا أسلم سائر بنى آدم فى بلادهم فحكمهم ذلك الحكم مع جنهم، أو لعله لم يكن أسلم حينئذ من الجن [سوى من بالمدينة] (١).

ويقتضى أن حكم بيوت المدينة وغير بيوتها سواء، وأن المراد بالحديث الآخر بالبيوت مواضع العمارة والسكنى لا الصحارى.

ورتب بعض العلماء هذه الأحاديث: أن الأمر بقتل الحيات مطلقاً مخصوص بنهيه


(١) سقط من ز، والمثبت من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>