للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١) باب قول النبى عليه الصلاة والسلام: " من رآنى فى المنام فقد رآنى "]

١٠ - (٢٢٦٦) حدّثنا أَبُو الرَّبِيعِ، سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِىُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - يَعْنِى ابْنَ زَيْدٍ - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَهِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ رَآنِى فِى الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِى، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لا يَتَمَثَّلُ بِى ".

ــ

قوله: " من رآنى فى المنام فقد رآنى، فإن الشيطان لا يتمثل بى "، وفى رواية: " [فإنه] (١) لاينبغى للشيطان أن يتمثل فى صورتى "، وفى الحديث الآخرة: " فقد رأى الحق ".

قال الإمام: اختلف المحققون فى تأويل هذا الحديث، فذهب القاضى أبو بكر بن الطيب - رحمه الله - إلى أن المراد بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من رآنى فى المنام فقد رآنى " أنه رأى الحق، وأن رؤياه لا تكون أضغاثًا، ولا من تشبهات الشيطان. ويعضد ما قاله بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى بعض الطرق: " من رآنى فقد رأى الحق " إن كان المراد به ما أريد بالحديث الأول فى المنام.

وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فإن الشيطان لا يتمثل بى ": إشارة إلى أن المراد أن رؤياه لا تكون أضغاثًا وإنما تكون حقًّا، وقد يراه الرائى على غير صفته المنقولة إلينا، كما لو رآه شيخاً أبيض اللحية، أو على خلاف لونه، أو يراه رؤيتين فى زمان واحد، أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب، ويرأه كل واحد منهما معه فى مكانه.

وقال آخرون [بل] (٢): الحديث محمول على ظاهره، والمراد: أن من رآه فقد أدركه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ولا مانع يمنع من ذلك، ولا عقل يحيله حتى يضطر إلى صرف الكلام عن ظاهره.

وأما الاعتلال بأنه قد يرى على خلاف صفته المعروفة وفى مكانين مختلفين معاً، فإن ذلك غلط فى صفاته، ويخيل لها على غير ما هى عليه. وقد يظن بعض الخيالات مرئيات، لكون ما يتخيل مرتبطاً بما يرى فى العادة، فتكون ذاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرئية وصفاته مختلفة (٣) غير مرئية، والإدراك لا يشترط فيه تحديق الأبصار ولا قرب المسافات، لا يكون المرئى مدفوناً فى الأرض ولا ظاهراً عليها، وإنما يشترط كونه موجوداً. ولم يقم دليل على فناء جسمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل جاء فى بعض الأخبار (٤) ما يدل على بقياه صلوات الله عليه، ويكون اختلاف الصفات


(١) و (٢) سقطتا من ز.
(٣) فى ح: متخيلة.
(٤) حديث: " إن الله قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء " ابن ماجة، ك إقامة الصلاة (١٠٨٥)، أبو داود ك الصلاة (١٠٤٧)، أحمد ٤/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>