للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: فَكَانَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ يَقُولُ: اللهُمَّ، إنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أعْقَابِنَا، أَوْ أَنْ نُفْتَنَ عَنْ دِينِنا.

٢٨ - (٢٢٩٤) وحدّثنا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ - وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَىْ أَصْحَابِهِ -: " إنِّى عَلَى الْحَوْضِ، أنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُ عَلَىَّ مِنْكُمْ. فَوَاللهِ،

ــ

ضرب النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى كل واحد منهما ميلاً (١) لبعد أقطار الحوض وسعته وكبره، بما تسنح له من العبارة وقرب للأفهام، لبعد ما بين البلاد النائية البعيد بعضها عن بعض، لا على التقدير والمحقق لما بينهما بلا (٢) إعلام ببعد المسافة، وسعة القطر، وعظم الحوض. فبهذا تجتمع هذه الألفاظ من جهة المعنى - والله أعلم - كما قال فى الآنية: " عددها كنجوم السماء " إشارة إلى غاية الكثرة. وعلى هذا تأول كثير قوله تعالى: {مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} (٣)، وقوله - عليه السلام -: " لا يضع عصاه عن عاتقه " (٤) وهو باب في المبالغة غير منكر فى اللغة ولا فى الشرع، ولا يعد هذا كذباً وإذا كان المخبر عنه بخبر الكثرة والعظم ومبلغ الغاية فى بابه، بخلاف لو كان بغير ذلك. ومثله قوله: كلمته فى هذا ألف مرة ولقيته مائة لقية. فهذا مباح جائز فى الكثير المنكر وكذب لا يجوز فى المرات القليلة.

وحديث الحوض صحيح، والإيمان به واجب، والتصديق به من الإيمان، وهو على وجهه عند أهل السنة والجماعة، لا يتأول ولا يحال عن ظاهره، خلافًا لمن لم يقل من المبتدعة الباقين (٥) له، والمحرفين له بالتأويل عن ظاهره. وهو حديث ثابت متواتر النقل، رواه جماعة من الصحابة.

فذكره مسلم من رواية ابن عمر، وأبى سعيد، وسهل بن سعد، وجندب، وعبدالله ابن عمرو بن العاص، وحارثة بن وهب الخزاعى، والمستورد، وأبى ذر، وثوبان، وأبى هريرة، وأنس بن مالك، وجابر بن سمرة.


(١) فى ح: مثلاً.
(٢) فى ح: بل.
(٣) الصافات: ١٤٧.
(٤) أحمد ٦/ ٤١٢، ٤١٣، مالك ك الطلاق، ب ما جاء فى نفقة المطلقة ٢/ ٥٨٠ (٦٧)، مسلم، ك الطلاق، ب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها (١٤٨٠)، الدارمى، ك النكاح، ب النهى عن خطبة الرجل على خطبة أخيه ٢/ ١٣٥، وكله من حديث فاطمة بنت قيس - رضى الله عنها.
(٥) فى ح: النافين.

<<  <  ج: ص:  >  >>