للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِى؟ قَالَ: " أَبُوكَ حُذافَةُ "، فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: مَنْ أَبِى يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " أَبُوكَ سَالِمٌ موْلَى شَيْبَةَ " فَلَمَّا رَأَى عُمَر مَا فِى وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغَضبِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنّا نَتُوبُ إِلَى اللهِ. وفِى رِوَايَةِ أَبِى كُرَيْبٍ: قَالَ: مَنْ أَبِى يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " أَبُوكَ سَالِمٌ - مَوْلَى شَيْبَةَ ".

ــ

الآخر، وكما قيل فى قوله تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَب} (١).

قوله: - عليه السلام -: " والذى نفسى بيده، لقد عرضت علىّ الجنة " أدْنى كلمة تهدد وتلهف، وقوله: " لقد عرضت علىّ الجنة والنار عرض هذا الحائط " بضم العين، أى جانبه، وقيل: وسطه يحتمل وجهين: أحدهما: أنه عرضت له حقيقة فى جهة الحائط، وإلا فالجنة والنار لا يتسع فى الحائط ولا يحل فيه، ويدل على هذا التأويل من عرضها له حقيقة قوله فى الحديث الأخر: " فتناولت منها عنقوداً "، أو يكون ضرب لها مثلها وشرح له أمرها بإمراريه فى الحائط وجهته، ويدل - أيضاً - على صحة هذا التأويل قوله فى الرواية الأخرى: ["صورت لى الجنة "، وعليه يدل لفظه فى الحديث الآخر بعده] (٢) " صورت لى الجنة والنار، فرأيتهما دون هذا الحائط ".

وقول أم حذافة: " أأمِنْتَ أن تكون أمك قارفت بعض ما تقارف نساء الجاهلية فتفضحها ": أى عملت ذنبًا، يريد الزنا، واكتسبته، قال الله تعالى: {وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ} (٣). وكان سبب سؤال حذافة أن بعض الناس كان يطعن فى نسبه، وقد بين ذلك فى الحديث الآخر، ولم يسمه، فقال: " كان يلاحى ويدعى لغير أبيه " أى يخاصم ويشاتم. والملاحاة: الخصام والسباب.

وقوله: " سألوه حتى أحفوه ": أى أكثروا عليه فى المسألة والإلحاح: وأخطأ فى السؤال وألحف بمعنى: ألح وبالغ.

وقوله: " فلما سمع ذلك القوم أرموا ". قال الإمام: سكتوا. قال صاحب الأفعال: أرم القوم: سكتوا لشىء هابوه، والعظم صار فيه رم وهو المخ، والأرض صار شجرها رميماً من الجدب.

قال القاضى: وأصله من المرمة وهى الشفة، أى ضموا شفاههم بعضها على بعض ولم يتكلموا. وأصل المرمة فى ذوات الأظلاف بمنزلة الشفة من الإنسان، يقال منه: رمت الشاة النبات: إذا تناولته بشفتيها. وفى الحديث فى ذكر سمن البقر: فإنها ترم من كل الشجر.


(١) الأعراف: ١٥٤.
(٢) سقط من الأصل، والمثبت من ح.
(٣) الأنعام: ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>