للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) حدّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيمَانَ عَنْ سَالِمٍ أَبِى النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ يَوْمًا. بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ.

ــ

قال القاضى: اعلم أن الفضائل والتفضيل عند العلماء مما لا يدركه القياس، إنما مداره على التوقيف. ومعنى: فلان أفضل من فلان: أى أكثر ثواباً عند الله، وأرفع منزلة لربه، وهذا مما لا يعلم إلا بتوقيف، ولا يستدل عليه بكثرة الطاعات الظاهرة؛ إذ قد يكون الثواب من الله على اليسير الخفى منها، أكثر من الكثير الظاهر وعلى صحة الإيمان وكثرة الذكر والفكر والخشية، وإن كانت الأعمال الظاهرة فيها مجال لغلبات الظنون بالتفضيل، قال الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْض} الآية (١).

والمشهور عن مالك وسفيان، وكافة أئمة الحديث والفقهاء، وكثير من المتكلمين ترتيب الأربعة فى الفضل حسب ترتيبهم فى الخلافة.

واختلفت الرواية فى المدونة، ففى رواية بعضهم: أبو بكر ثم عمر [ثم عثمان] (٢) وقال: أوفى ذلك شك؟ وسقط: ثم عثمان (٣) من رواية أكثرهم.

واختلف فى تأويل قوله فى الكف عن عثمان وعلى، وما تقدم فى ذلك قبل، فقيل: هو على ظاهره. وقيل (٤): إنه رجع عنه إلى القول الأول. ويحتمل أن يكون كفه وكف من اقتدى به لما كان شجر فى (٥) ذلك من الاختلاف والتعصب حتى كان الناس فرقتين؛ علوية وعثمانية لهذا. وقد قيل: إن سبب قوله بالتفضيل بينهما [لما] (٦) طلبته العلوية حتى امتحن بما امتحن به رحمه الله.

وذهبت طائفة من العلماء إلى أن من مات من الصحابة فى حياة النبى - عليه الصلاة والسلام - أفضل ممن بقى بعده، وهو اختيار أبى عمر بن عبد البر. فقوله - عليه الصلاة والسلام - فى بعضهم: " أنا شهيد على هؤلاء "، وتزكيته لبعضهم وصلاته عليهم، وقول النبى - عليه الصلاة والسلام - لأبى بكر: " ما ظنك باثنين الله ثالثها " (٧) ظاهر فى قوة توكل النبى - عليه الصلاة والسلام - وجلال مكانة أبى بكر، وعظيم منزلته وفضله بالغار، وما له فيها من المزية بهذه اللقطة وغيرها.


(١) البقرة: ٢٥٣.
(٢) سقط من ح.
(٣) فى ح: عمر.
(٤) فى ز: وفيه، والمثبت من ح.
(٥) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش.
(٦) ساقطة من ح.
(٧) حديث رقم (١) بالباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>