للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُصَلِّى عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ الله أَنْ تُصَلِّىَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا خَيَّرَنِى الله فَقَالَ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} (١) وَسَأَزِيدُ عَلَى سَبْعِينَ ". قَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ.

فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} (٢).

(...) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنّى وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى - وَهُوَ الْقَطَّانُ - عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، فِى مَعْنَى حَدِيثِ أَبِى أُسَامَةَ. وَزَادَ: قَالَ: فَتَرَكَ الصَّلاَةَ عَلَيْهِمْ.

ــ

ومكانته منه، وصحة إسلامه، ولكنه (٣) كان - عليه الصلاة والسلام - لا يسأل شيئاً فيمنعه، وقيل: فعل ذلك مكافأة له؛ لأنه كان ألبس العباس حين أسر قميصاً، وقيل: تطييباً لقلب ابنه. والذى هنا أظهر لتفسير سببه فى الحديث وسؤال ابنه ذلك، ولذلك بين سبب صلاته عليه لسؤال ابنه إياه، ولم يكن ورد نهى بالصلاة على المنافقين.

قيل: إنما ورد أن الله لا يغفر لهم، فبقى حكم الصلاة والاستغفار، وهو معنى قوله: " نهاك أن تصلى عليه؟ " لأن أصل الصلاة الدعاء، فرد - عليه الصلاة والسلام - على عمر قوله وقال له: " بل خيرنى ربى، وسأزيده على السبعين " ظاهر قوله تعالى: {إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّة} المبالغة فى التكثير ومنع الاستغفار، والعرب تضع التسبيع أبدًا موضع التضعيف، وإن جاوزه، وقد تقدم [من] (٤) هذا، لكن النبى - عليه الصلاة والسلام - مع علمه بمقاصد الكلام رجاه، لعل الله يرحمه، إذ الاحتمال فيما بعد السبعين محال يخالف الظاهر.

ويحتمل أنه طمع أن يكون له عند الموت إنابة فحمله محمل المؤمنين، ولهذا أمر بإخراجه من قبره وأجلسه فى حجرة وَتَفَتَ عليه من ريقه، كل (٥) ذلك رجاء رحمة الله له بذلك، ومنفعته، وتطييباً لقلب ابنه ومبرة به، حتى جلى الله له الأمر ورفع الاحتمال، وقطع منه الرجاء، بنهيه عن الصلاة عليه وعلى أمثاله، ممن ظهر نفاقه، والقيام على قبورهم، وأعلمه بأنهم كفروا بالله وماتوا على ذلك.


(١) التوبة: ٨٠.
(٢) التوبة: ٨٤.
(٣) فى ح: وولائه.
(٤) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(٥) فى ز: كان، والمثبت من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>