للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالُوا: هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ يَشْتَكِى عَيْنَيْهِ. قَالَ: " فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ "، فَأُتِىَ بِهِ، فَبَصَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ، حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ. فَقَالَ عَلِىٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا. فَقَالَ: " انْفُذْ عَلَى رَسْلِكَ، حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ الله فِيهِ، فَوَالله لأَنْ يَهْدِىَ الله بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُوَنَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ ".

٣٥ - (٢٤٠٧) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ - يَعْنِى ابْنَ إِسْمَاعِيلَ - عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، قَالَ: كَانَ عَلِىٌّ قَدْ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى خَيْبَرَ، وَكَانَ رَمِدًا. فَقَالَ: أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فَخَرَجَ عَلِىٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِى فَتَحَهَا الله فِى صَبَاحِهَا، قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ - أَوْ لَيَأخُذَنَّ بِالرَّايَةِ - غَدًا، رَجُلٌ يُحِبُّهُ الله وَرَسُولُهُ - أَوْ قَالَ: يُحِبُّ الله

ــ

دعاه - عليه الصلاة والسلام - وفاطمة وابنيهما (١) - عليهما السلام - فقال: " اللهم هؤلاء أهلى " الحديث، قال الإمام - وفقه الله -: مذهب أفاضل العلماء أن ما وقع من الأحاديث القادحة فى [حديث] (٢) عدالة [بعض] (٣) الصحابة، والمضيفة إليهم ما لا يليق بهم، فإنها ترد ولا تقبل إذا كان رواتها غير ثقات، فإن أحب بعض العلماء تأويلها قطعاً للشغب نزل وراح، وإن رواها الثقات تأولت على الوجه اللائق بهم إذا أمكن التأويل، ولا يقع فى روايات الثقات إلا ما يمكن تأويله، ولابد أن يتأول قول معاوية هذا، فتقول: ليس فيه تصريح بأنه أمره بسبه، وإنما سأله عن السبب المانع له من السب، وقد سئل عن مثل هذا السؤال من يستجيز سب المسؤول عنه [وسئل عنه] (٤) من لا يستخبره.

فقد يكون معاوية رأى سعدًا بين قوم يسبونه، ولا يمكن الإنكار عليهم، فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب؛ ليستخرج منه مثل ما استخرج مما حكاه عن النبى - عليه الصلاة والسلام - فيكون له حجة على من سبه ممن ينضاف إليه من غوغاء جنده، فيحصل على المراد على لسان غيره من الصحابة، ولو لم يسلك هذا المسلك وحملنا عليه أنه قصد ضد


(١) فى ز: وأبيهما، والمثبت من ح.
(٢) ساقطة من ح.
(٣) فى هامش ح.
(٤) من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>