للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِى كَلَيلِ تِهَامَةَ، لا حَرٌّ وَلا قُرٌّ، وَلا مَخَافَةَ وَلا سَآمَةَ.

قَالَتِ الْخَامِسَةُ: زَوْجِى إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ.

قَالَتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِى إِنْ أَكَل لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، وَإِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ، وَلا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ.

ــ

وإن سكت تركنى معلقة، لا أيم ولا ذات بعل، ومنه قوله تعالى: {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَة} (١). وقول الرابعة: " زوجى كليل تهامة ": تقول: ليس عنده أذى ولا مكروه، وإنما هو أمثل؛ لأن الحر والبرد كلاهما فيه أذى إذا اشتد. وقولها: " لا مخافة ولا سآمة ": تقول: ليس عنده غائلة ولا شر أخاف، ولا يسألنى فيمل صحبتى.

وقول الخامسة: " زوجى إن دخل فهد ": تصفه بكثرة النوم والغفلة فى منزله، على وجه المدح له، وذلك أن الفهد كثير النوم. يقال: أنوم من فهد والذى أرادت: أنه ليس يتفقد ما ذهب من ماله، ولا يلتفت إلى جانب البيت وما فيه، فهو كأنه ساه عن ذلك، ويبينه قولها: " ولا يسأل عما عهد " يعنى: عما كان عندى مثل ذلك.

وقولها: " أسد ": تصفه بالشجاعة. تقول: إذا خرج إلى الناس لمباشرة الحرب ولقاء العدو أسد فيها. يقال: أسد الرجل واستأسد بمعنى.

قال القاضى: قولها: " فهد وأسد " كذا الرواية فيه، بكسر الهاء والسين، فإما أن يكونا فعلين مشتقين من أسمائهما، أو يكونا اسمين، ويكون فهْد وفهِد مثل فخْذ وفخِذ ويأتى أسد على الاتباع لفهِد، وقد قال ابن أبى أويس فى معناه: أنه إذا دخل وثب علىَّ وثوب الفهد، فيحتمل أنه يريد بذلك ضرابها والمبادرة لجماعها.

قال الإمام: وقول السادسة: " إن أكل لف، وإن شرب اشتف " (٢): اللف فى الإطعام: الإكثار منه مع التخليط من صنوفه حتى لا يتبين منه شيئاً، والإشفاف فى الشرب: أن يستقصى ما فى الأناء ولا يستر شيئاً. وإنما أخذ من الشفافة وهى البقية فى الإناء من الشراب، فإذا شربها صاحبها قيل: أشفها (٣).

قولها: " ولا يولج الكف ليعلم البث ": قال أبو عبيد: أحسبه [أنها] (٤) كان بجسدها عيب أو داء كنّت به؛ لأن البث، هو الحزن، فكان لا يدخل يده فى ثوبها ليمس ذلك العيب فيشق عليها، تصفه بالكرم. قال الهروى: قال ابن الأعرابى: هذا


(١) النساء: ١٢٩.
(٢) فى ز: شف، والمثبت من المطبوع، ح.
(٣) فى ح: اشتفها.
(٤) من الأبى.

<<  <  ج: ص:  >  >>