للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[والحضرمى إنما نسب إلى الكندى] (١) من الغصب فى الجاهلية ما لا ينكر عليهم.

وقد ذهب بعض العلماء إلى أن ما يجرى بين المتخاصمين من سباب بخيانة وفجور واستحلال وشبهة، هدَرٌ لا حكومة فيه واحتج بهذا الحديث.

وفيه وعْظ الحاكم الحالف، عساه أن يكون يحلف باطلاً فيردَّهُ وعظُه إلى الحق - كما فعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قام الحضرمى ليحلف.

وفيه التنبيه على صورة سؤال الحاكم الطالب بأن يقول: " ألك (٢) بيِّنة " ولا يقول له: " قرِّب بيِّنتك " إذ قد لا يكون له بيِّنة. وإلى هذا ذهب بعض حُذَّاق الجدليِّين، والنظريين فى سؤال أحد المتناظرين صاحبه عن مذهبه ودليله بأن يقول له: ألك دليل على قولك؟ فإن قال: نعم، سأله عنه ما هو؟

وهو اختيار القاضى أبى بكر، ولم يره لازماً الأستاذ أبو إسحاق. وفيه دليلٌ على [أن] (٣) من ادُّعى عليه دعوى فى مال ورثه أو تصيَّر إليه عن غيره، أن يمينه على نفى دعوى المدعى، كما ذَكر فى سنة اليمين فى زيادة أبى داود.

وفيه دليل على أن للأيمان مواضعَ تُحلفُ فيها وتختص بها لقوله: " فانطلق ليحلف، وذلك عندنا لازم فيما له بال من الأموال، وذلك ما يوجبُ القطع فى السرقة - ربع دينارٍ فصاعداً - فلا يكون اليمينُ فيه إلا فى المساجد الجامعة وحيثُ يُعظِّمُ منها، وعند منبر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة، خلافاً لأبى حنيفة فى قوله: اليمين حيث كان الحاكم.

وقد احتج أبو سليمان الخطابى من هذا الحديث على وجوب اليمين عند المنبر، قال: لأنه إنما كان مجلس النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى المسجد، وقيام هذا إنما كان للمنبر، وإلا فلماذا قام (٤)؟ وهذا محتمل وفيه نظرٌ.

وفيه دليل على أن الحالف يكون قائماً، لقوله: " فلما قام ليحلف " لكن فى قيامه هنا احتمال، هل لنفس اليمين أو لينهض لموضعها - كما تقدم.

وقد اختلف المذهب عندنا فى قيام الحالف فيما له بال (٥).


(١) من هامش ت، وفى بقية النسخ وأصل ت، والكندى: إنما نسب إلى الحضرمى.
(٢) فى الأصل: لك.
(٣) ساقطة من الأصل.
(٤) قلت: وقد بوَّب النسائى فى الكبرى لهذا فى كتاب القضاء بقوله: اليمين على المنبر، وساق له حديث جابر بن عبد الله: " من حلف على منبرى هذا بيمين آثمةً تبوأ مقعده من النار "، وحديث أبى أمامة بن ثعلبة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من حلف عند منبرى هذا بيمين كاذبة يستحل بها مال امرئ مسلم، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه عدلاً ولا صرفاً " ٣/ ٤٩١، ٤٩٢.
(٥) جملة مذهب مالك فى هذه المسألة: أن اليمين لا تكون عند المنبر من كل جامع، ولا فى الجامع حيث كان، إلا فى ربُع دينارٍ - ثلاثة دراهم فصاعداً - أو فى عرض يساوى ثلاثة دراهم، وما كان دون ذلك حلف فيه فى مجلس الحاكم، أو حيث شاء من المواضع فى السوق وغيرها، ورواية ابن القاسم فيها: =

<<  <  ج: ص:  >  >>