للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ شَقِيقٌ: فَجَلَسْتُ فِى حَلَقِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَلا يَعِيِبُهُ.

١١٥ - (٢٤٦٣) حدّثنا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا قُطْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: وَالَّذِى لا إِلَهَ غَيْرُهُ، مَا مِنْ كِتَابِ اللهِ سُورَةٌ إِلا أَنَا أَعْلَمُ حَيْثُ نَزَلَتْ، وَمَا مِنْ آيَةٍ إِلا أَنَا أَعْلَمُ فِيمَا أُنْزِلَتْ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا هُوَ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللهِ مِنِّى، تَبْلُغُهُ الإِبِلُ، لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ.

ــ

وقوله: " فى حلق أصحاب محمد " بفتح الحاء واللام جمع حَلْقة بسكون اللام. وقال الخطابى فى جمعها: حِلِق بكسر الحاء، مثل ندرة وندر. وقال الحربى (١): حَلق بالفتح والسكون، مثل تمرة وتمر، والواحدة بالسكون وفتح الحاء لا غير، هذا المعروف، وحكى فيها فتح اللام.

ذكر مسلم حديث ابن مسعود أنه قال: {وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (٢) قال: على قراءة من تأمرونى، أن أقرأ؟ لقد قرأت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بضعاً وسبعين سورة، ولقد علم أصحاب محمد أنى أعلمهم بكتاب الله، ولو أعلم أن أحدًا أعلم به منى لرحلت إليه ": فيه ذكر الرجل حال نفسه، ومنزلته من العلم وشبهه من الفضائل إذا دعت إلى ذلك ضرورة. وليس من باب ثناء الإنسان على نفسه والإعجاب بها، وفيه الرحلة فى العلم والتزيد منه.

قال القاضى: وهذا الحديث ملفق مختصر محذوف مبتور فى الأم. إنما ذكر منه أطرافاً لا تشرح مقصد الحديث وبيانه فى سياق آخر ذكره غيره بها يفهم المراد بقوله: {ومَن يَغْلُلْ} [وبقوله] (٣): ولقد قرأت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سبعين سورة، وقد كان ممن جمع القرآن، فروى ابن أبى خيثمة بسنده عن أبى وائل، وهو شقيق راوى الحديث فى الأم، لما أمر فى المصاحف بما أمر، يعنى أمر عثمان بتحريقها، ما عدا المصحف المجتمع عليه الذى وجّه منه النسخ إلى الآفاق، ورأى هو والصحابة أن بقاء تلك تُدخل اللبس والاختلاف.

ذكر ابن مسعود الغلول وتلا الآية، ثم قال: غلوا المصاحف. وفى طريق: إنِّى غال مصحفى، فمن استطاع أن يغل مصحفه فليفعل، فإن الله تعالى يقول: {وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ} ثم قال: على قراءة من تأمرونى، أقرأ على قراءة زيد بن ثابت؟ لقد


(١) انظر: غريب الحديث لأبى إسحاق الحربى ١/ ٢٦٣.
(٢) آل عمران: ١٦١.
(٣) فى هامش ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>