للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَتْ: وَاللهِ لا آتيكَ حَتَّى تَبْعَثَ إِلَىَّ مَنْ يَسْحَبُنِى بِقُرُونِى. قَالَ: فَقَالَ: أَرُونِى سِبْتَىَّ. فَأَخَذَ نَعْلَيَهِ، ثَمَّ انْطَلَقَ يَتَوَذَّفُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا. فَقَالَ: كَيْفَ رَأَيْتِنِى صَنَعْتُ بعَدُوِّ اللهِ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُكَ أَفْسَدْتَ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ، وأَفْسَدَ علَيْكَ آخِرَتَكَ، بَلغَنِى أَنَّكَ تَقُولُ لَهُ: يَا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ. أَنَا وَاللهِ، ذَاتُ النِّطَاقَيْن. أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكُنْتُ أَرْفَعُ بِهِ طَعَامَ رَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَطَعَامَ أَبِى بَكْر مِنَ الدَّوَابِّ. وَأَمَّا الآخَرُ فَنِطَاقُ الْمَرْأَةِ الَّتِى لا تَسْتَغْنِى عَنْهُ. أَمَا إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا " أَنَّ فِى ثَقِيفٍ كَذَّابًا وَمُبِيرًا "، فَأَمَّا الْكَذَّابُ فَرَأَيْنَاهُ، وَأَمَّا الْمُبِيرُ فَلا إِخَالُكَ إِلاَّ إِيَّاهُ. قَالَ: فَقَامَ عَنْهَا وَلَمْ يُرَاجِعْهَا.

ــ

قوله: " لأُمَّة أنت شرها لأُمَّة خيار " ويروى: " خير ": يريد ما كانوا يصفونه به. وفى رواية السمرقندى: " لأمة سوء ". وهو خطأ وتصحيف.

وقوله: " من يسحبك بقرونك ": أى يجرك بشعر رأسك.

وقوله: " أرونى سِبتى ": أى نعلى، بكسر السبن، وهى النعال التى لا شعر عليها، وقد مضى تفسيرها فى الحج بأشبع من هذا والخلاف فيها.

قال الإمام: وقوله: " فانطلق يتوذف ": قال أبو عبيد: معناه: يسرع. والتوذف الإسراع. وقال أبو عمرو: هو التبختر.

قال القاضى: حكى ابن السكيت عن أبى عمرو أنها مشية فيها تقارب وتبجح وهو قريب مما تقدم، قال: يقال منه: ذاف يذوف، وإنما يصح يذوف منه على القلب.

وقول أسماء فى تفسير: " ذات النطاقين " ما قالته فى الحديث من أن أحدهما: الذى أرفع فيه طعام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واْبى بكر، والثانى: نطاق المرأة. وقد وقع مفسراً أبين من هذا فى البخارى (١) وغيره (٢). وأنها لما صنعت سفرة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبى بكر حين هاجرا شقت نطاقها بنصفين، فربطت السفرة بأحدهما وانتطقت بالآخر.

وقولها: " إن فى ثقيف كذابًا ومبيرًا، أما الكذاب فرأيناه ": تعنى المختار بن أبى عبيد، " وأما المبير فإخالك هو ": تريد لكثرة قتله. والمبير: المهلك. والبوار: الهلاك، وفيها تأول الناس الحديث. وبذلك فسره أبو عيسى الترمذى (٣).


(١) البخارى، ك مناقب الأنصار، ب هجرة النبى وأصحابه إلى المدينة ٥/ ٧٨.
(٢) مسند أحمد ٦/ ١٩٨.
(٣) الترمذى، ك الفتن، ب ما جاء فى ثقيف كذاب ومبير ٤/ ٤٣٢ برقم (٢٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>