للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَنْصَارِ. فَأَتَى النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ الْقَوَدَ. فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ ".

قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِى رِوَايَتِهِ: عَمْرٌو قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا.

ــ

وإباءة الضيم، حيث كانوا، فكان - عليه الصلاة والسلام - يستألفهم بطلاقة وجهه، ولين كلمته، وبسط المال لهم، والإغضاء عن هناتهم، حتى يتمكن الإيمان فى قلوبهم، ويراهم أمثالهم فيدخل فى الإسلام ويتبعهم أتباعهم عليه.

ولهذا لم يقتل المنافقين، ووكل أمرهم إلى ظواهرهم، مع علمه ببواطن كثير منهم، وإطلاع الله - تعالى - إياه على ذلك. ولما كانوا معدودين فى الظاهر فى جملة أنصاره وأصحابه ومن تبعه، وقاتلوا معه غيرهم حمية أو طلب دنيا أو عصبية لمن معهم من عشائرهم، وعلمت بذلك العرب، فلو قتلهم لارتاب بذلك من يريد الدخول فى الإسلام ونفره ذلك عنه، وتوقع أن يكون ذلك لأمنه وعرض آخر.

وقد اختلف: هل بقى حكم جواز ترك قتلهم والإغضاء عنهم؟ أو نسخ ذلك آخرًا عند ظهور الإسلام عند قوله تعالى: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} (١) وأنها ناسخة لما كان قبلها؟ وقيل: إنما العفو عنهم ما لم يظهروا نفاقهم، فإذا أظهروه قتلوا، قاله غير واحد من أئمتنا وغيرهم، واستدلوا بقوله تعالى: {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} إلى قوله: {وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً} (٢).


(١) التوبة: ٧٣، التحريم: ٩.
(٢) الأحزاب: ٦٠، ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>