للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٢) بَاب مُدَارَاةِ مَنْ يُتَّقَى فُحْشُهُ

٧٣ - (٢٥٩١) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ، كُلُّهُمْ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ - وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ - قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ - وَهُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ - عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: حَدَّثَتْنِى عَائِشَةُ؛ أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: " ائْذَنُوا لَهُ، فَلَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ، أَوْ بِئْسَ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ "، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ لَهُ الَّذِى قُلْتَ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْقَوْلَ؟ قَالَ: " يَا عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مَنْ وَدَعَهُ - أَوْ تَرَكَهُ - النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِه ".

(...) حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ فِى هَذَا الْإِسْنَادِ. مِثْلَ مَعْنَاهُ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " بِئْسَ أَخُو الْقَوْمِ وَابْنُ الْعَشِيرَةِ ".

ــ

قوله - عليه الصلاة والسلام - للذى قال له: " بئس ابن العشيرة ": فيه أنه لا غيبة فيمن جاهر بفسقه، ولا كافر، ولا أمير جائر، ولا صاحب بدعة، وهذا الرجل هو عيينة ابن حصن، وكان حينئذ - والله أعلم - لم يسلم، فلم يكن القول فيه غيبة، أو أراد - عليه الصلاة والسلام - إن كان قد أظهر الإسلام أن يبين حاله لئلا يغتر به من لم يعرف باطنه، وقد كان منه فى حياة النبى - عليه الصلاة والسلام - وبعده من هذه الأمور ما دلت على ضعف إيمانه.

وإلانة النبى - عليه الصلاة والسلام - له بالقول بعد هذا القول، تألفاً لمثله على الإسلام، بل فيه من أعلام النبوة قول النبى أنه: " بئس ابن العشيرة " علم من أعلام نبوته، وقد ظهر ذلك منه؛ إذ هو ممن ارتد وجىء به أسيرًا إلى أبى بكر، وله مع عمر بن الخطاب خبر - والله أعلم - بما ختم له به.

هذا من المداراة وهو بذل الدنيا [لصلاح الدنيا والدين. وهى مباحة مستحسنة فى بعض الأحوال، خلاف المداهنة المذمومة المحرمة، وهو بذل الدين لصلاح الدنيا] (١) والنبى - عليه الصلاة والسلام - هنا بذل له من دنياه حسن عشيرته، ولا سيما كلمته وطلاقة وجهه،


(١) فى هامش ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>