للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى - يَعْنِى ابْنَ سَعِيدٍ - جَمِيعًا عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَزَادَ فِى حَدِيثِ الْمُعْتَمِرِ: " لَا، أَيْمُ اللَّهِ، لَا تُصَاحِبْنَا رَاحِلَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ مِنْ اللَّهِ " أَوْ كَمَا قَالَ.

٨٤ - (٢٥٩٧) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِىُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ - وَهُوَ ابْنُ بِلَالٍ - عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا يَنْبَغِى لِصِدِّيقٍ أَنْ يَكُونَ لَعَّانًا ".

(...) حَدَّثَنِيهِ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ.

٨٥ - (٢٥٩٨) حَدَّثَنِى سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِى حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ

ــ

صاحبتها؛ لنهيه قبل عن اللعن. فإن كان هذا وجهه ففيه العقاب فى المال ليزجر غيرها عن ذلك. وأصل اللعن: الترك، وقيل: البعد، كذا قال أهل اللغة. فلما دعت عليها باللعنة وكانت غير مكلفة ممن تدركها لعنة العقاب استعمل فيها معنى اللعنة اللغوية من الترك والإبعاد والخروج عن الملك؛ معاقبة لقائلها - والله أعلم.

وقوله: " لا ينبغى لصديق أن يكون لعاناً ولا يكون اللاعنون شفعاء يوم القيامة ولا بشهداء ": كله تعظيم لإثم اللعن وتجنبه، وأنه ليس من أخلاق المؤمنين والصديقين ولا الشهداء والشفعاء يوم القيامة، وأن مَنْ تخلق به فليس من هذه الطبقات العزيزة الرفيعة؛ لأن اللعنة - وإن كان أصلها فى اللغة الترك والإبعاد - فصار استعمالها فى الدعاء الإبعاد من رحمة الله، وليس هذه خلق المؤمنين، الذين وصفهم الله بالرحمة بينهم والتعاون على البر، وأنهم كالجسد الواحد، وكالبنيان يشد بعضه بعضاً، وأن المسلم يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث بعده: " إنى لم أبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة "، فمن دعا على أخيه المسلم باللعنة، وهى البعد (١) من رحمة الله، وهى بمثابة المتناطعة والعداوة ومحبة الشر أجمعه له، وهو ضد الشفاعة والشهادة المتنتضية للإشفاق والرحمة وهى (٢) غاية ما يرده الكافر، وغاية مآله وعاقبة أمره، فكيف يجوز لمسلم وقر الإيمان فى قلبه أن يحبه لأخيه ويدعو عليه به؟! ولذا جاء فى الحديث الآخر: " فكأنه قتله "، قيل: لأن القائل قطع منافعه الدنيوية وحياته فيها عنه، وهذا باللعنة سعى فى قطع منافعه الأخروية وحياته فى النعيم الدائم، بإبعاده من الجنة وإلحاقه بأصحاب النار المبعدين، إذ هى مآل


(١) فى ح: الإبعاد.
(٢) فى ح: وهو.

<<  <  ج: ص:  >  >>