للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٦٠٢) وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِى سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّ فِيهِ: " زَكَاةً وَأَجْرًا ".

(...) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، كِلَاهُمَا عَنْ الْأَعْمَشِ، بِإِسْنَادِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، مِثْلَ حَدِيثِهِ. غَيْرَ أَنَّ فِى حَدِيثِ عِيسَى جَعَلَ " وَأَجْرًا " فِى حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ.

ــ

بدعوة على من ليس لها بأهل، وهذا مما لا يليق به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟

قيل: المراد بقوله: ليس لها بأهل عندك فى باطن أمره، لا على ما يظهر إليه - عليه الصلاة والسلام - مما يقتضيه حاله حين دعائه عليه، فكأنه - عليه الصلاة والسلام - يقول: من كان باطن أمره عندك أنه ممن يرضى عنه فاجعل دعوتى عليه الذى اقتضاها ما ظهر إلى من مقتضى حاله حينئذ طهوراً وزكاة. وهذا معنى صحيح لا إحالة فيه وهو - عليه الصلاة والسلام - متعبد بالظواهر، وحساب الناس فى البواطن على الله تعالى.

فإن قيل: معنى قوله: " وأغضب كما يغضب البشر " وهذا يشير إلى أن تلك الدعوة وقعت بحكم سورة الغضب، لا على أنها من مقتضى الشرع، فبقى السؤال على حاله؟ قيل: يحتمل أن يكون - عليه الصلاة والسلام - أراد أن دعوته - عليه الصلاة والسلام - أو سبه أو جلده كان مما خير بين فعله له عقوبة به للجانى (١)، أو تركه. والزجر له بما سوى ذلك، فيكون الغضب لله تعالى على لعنته أو جلده، ولا يكون ذلك خارجاً عن شرعه ولا موقعاً له فيما لا يجوز.

ويحتمل أن يكون خرج هذا مخرج الإشفاق منه - عليه الصلاة والسلام - وتعليم أمته الخوف مِنْ تعدى حدود الله تعالى، فكأنه - عليه الصلاة والسلام - يظهر الإشفاق من أن يكون الغضب يحمله على زيادة يسيرة فى عقوبة الجانى لولا الغضب ما زادها ولا أوقعها، ويكون ذلك من الصغائر على القول بجواز وقوعها من (٢) الأنبياء - عليهم السلام - وإشفاقاً منه - عليه الصلاة والسلام - وإن لم يقع منه. وقد وقع اللعن والسباب من غير قصد إليه، فلا يكون فى ذلك نازل منزلة اللعنة الواقعة رغبة منه إلى الله سبحانه وطلباً للاستجابة، فمثل هذه الطرائق ينبغى أن تسلك فى [مثل] (٣) هذا الحديث.

قال القاضى: [قد] (٤) يحتمل أن يكون ما ذكره من سب ودعاء غير مقصود ولا


(١) فى ح: للحال.
(٢) فى ح: على، والمثبت من ز.
(٣) ساقطة من ز، واستدركت فى الهامش.
(٤) ساقطة من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>