للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَعَلَ " وَرَحْمَةً " فِى حَدِيثِ جَابِرٍ.

٩٠ - (٢٦٠١) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ - يَعْنِى ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِىِّ - عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " اللَّهُمَّ، إِنِّى أَتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَىُّ الْمُؤْمِنِينَ آذَيْتُهُ، شَتَمْتُهُ، لَعَنْتُهُ، جَلَدْتُهُ، فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلَاةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً، تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".

(...) حَدَّثَنَاه ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: " أَوْ جَلَدُّهُ ".

قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: وَهِىَ لُغَةُ أَبِى هُرَيْرَةَ. وَإِنَّمَا هِىَ " جَلَدْتُهُ ".

(...) حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ،

ــ

منوى، لكن بما جرت به عادة العرب فى دغم كلامها وصلة خطابها، وإيراد بعض ألفاًظها عند حرجها وتأكيدها وعينها، ليس على نية إجابة ذلك، كقوله: " تربت يمينك "، و " عقرى حلقى "، ونحوه مما جاء فى الحديث من قوله: " لا كبر سنك "، " ولا أشبع الله بطنك "، وقد يسمون السب لعناً، فأشفق - عليه السلام - من موافقة أمثالها، فعاهد ربه ودعاه ورغب إليه بأن يجعل ذلك القول رحمة وقربة كما قال، ولم يكن صفته - عليه السلام - الفحش ولا التفحش، ولا بعث سباباً ولا لعاناً.

ومثل هذا إنما كان يجرى على لسانه فى الليل، وقد تقدم فى الحديث أن يدعو على دوس؛ لأنها كفرت، فقال: " اللهم اهد دوساً "، وقال للذى جرحه وأدمى وجهه يوم أحد: " اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون ".

وقد يكون فعله (١) هذا - عليه السلام - ودعاؤه ربه إشفاقاً على المدعو عليه وتأنيساً، لئلا يلحقه من الخوف والحذر من ذلك ومن يقبل دعائه ما يحمله على اليأس والقنوط، وقد يكون سؤالاً منه لربه فيمن جلده أو سبه بوجه حق وعقاب على جرم، أن يكون ذلك عقوبة فى الدنيا وكفارة له لما فعله، [وتمحيصاً] (٢) له عن عقابه عليه فى الآخرة، كما جاء فى الحديث الآخر، وهو أحد معانى الصلاة فى اللغة.

وقوله: " وفدية ": أى اجعل لعنتى وجلدى له فدية من عذابك فى الآخرة.

وأما قوله: " أغضب كما يغضب البشر ": فهو - عليه الصلاة والسلام - لا يقول ولا


(١) فى ح: قوله.
(٢) فى ز: تلخيصاً، والمثبت من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>