للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٧) بَاب تَحْرِيمِ الْكَذِبِ وَبَيَانِ الْمُبَاحِ مِنْهُ

١٠١ - (٢٦٠٥) حَدَّثَنِى حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ؛ أَنَّ أُمَّهُ - أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِى مُعَيْطٍ - وَكَانَتْ مِنْ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ، اللَّاتِي بَايَعْنَ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: " لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِى يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَيَقُولُ خَيْرًا وَيَنْمِى خَيْرًا ".

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَمْ أَسْمَعْ يُرَخَّصُ فِى شَىْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبٌ إِلَّا فِى ثَلَاثٍ: الْحَرْبُ، وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا.

ــ

وقوله: " ليس الكذاب الذى يصلح بين الناس ويقول خيرًا وينمى خيرًا " بعد هذا فى الأم يبين ما قلناه.

وقول ابن شهاب فى الحديث: " لم أسمع أحدًا يرخص فى شىء مما يقول الناس كذب إلا فى ثلاث: الحرب، والإصلاح [بين الناس] (١)، وكذب الرجل امرأته وكذب المرأة زوجها "، قال القاضى: لا خلاف فى جواز الكذب فى هذا.

واختلف فى الصورة الجائزة فيه (٢)، وما هو هذا الكذب المباح فى هذه الأبواب؟ فحمله قوم على الإطلاق، وأجازوا قول ما لم يكن فى ذلك لما فيه من الصلاحِ، وأن الكذب المذموم إِنما هو ما فيه مضرة المسلمين، واحتجوا بقول: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} (٣) وقوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} (٤)، وقوله: " فإنها أختى " (٥)، وقول منادى يوسف: {أَيَّتُهَا العِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} (٦)، وقالوا: لا خلاف أن من رأى رجلاً يريد أن يقتل مسلمًا، أو يقدر على أن ينجيه منه بالكذب، أنه واجب عليه مثل أن يقول: ليس [هو] (٧) هاهنا، أو ليس هو فلان، ونحو هذا. فإذا كان واجبًا هنا فهو جائز فيما فيه الصلاح.

وقال آخرون - وهو مذهب الطبرى -: لا يجوز الكذب في شىء من الأشياء، ولا


(١) فى هامش ح.
(٢) فى ح: منه.
(٣) الأنبياء: ٦٣.
(٤) الصافات: ٨٩.
(٥) سبق فى ك الإيمان، ب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، برقم (١٩٣).
(٦) يوسف: ٧٠.
(٧) ساقطة من ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>