للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣٢) بَاب النَّهْى عَنْ ضَرْبِ الْوَجْهِ

١١٢ - (٢٦١٢) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ - يَعْنِى الْحِزَامِىَّ - عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ ".

(...) حَدَّثَنَاه عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ: " إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ ".

١١٣ - (...) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيَتَّقِ الْوَجْهَ ".

ــ

قوله: " إذا قاتل أحدكم أخاه "، وفى رواية أخرى: " إذا ضربه فليتجنب الوجه "، وفى رواية: " فلا يلطمن الوجه ": فيه تشريف هذه الصورة عن الشين؛ إذ الضرب فيها واللطم مما يظهر الشين فيها سريعاً؛ ولأن فيها المحاسن وأعضاء نفيسة، وأكثر الإدراكات، فقد يبطلها بفعله والتشويه فيها أشد؛ لأنها شيما الإنسان والبادى منه والمتميز به من أمثاله، والصورة التى خلقه الله عليها وكرّم بها بنى آدم وفضلهم على كثير من خلقه تفضيلاً.

قوله آخر الحديث: " فإن الله خلق آدم على صورته "، قال الإمام: هذا حديث ثابت عند أهل النقل، وقد رواه بعضهم: " أن الله خلق آدم على صورة الرحمن " (١) ولا يليق هذا عند أهل النقل، ولعله نقل من رواه بالمعنى الذى يوهمه، وظن أن الضمير عائد على الله - سبحانه - فأظهره وقال: " على صورة الرحمن ".

واعلم أن هذا الحديث غلط فيه ابن قتيبة وأجراه على ظاهره، وقال: فإن الله سبحانه له صور لا كالصور، وأجرى الحديث على ظاهره، والذى قال لا يخفى فساده؛ لأن الصورة تفيد التركيب، وكل مركب محدث، والبارى - سبحانه وتعالى - ليس بمحدث فليس بمركب، وما ليس بمركب فليس بمصور، وهذا من جنس قول المبتدعة: إن البارى - جلّ وعز - جسم لا كالأجسام، لما رأوا أهل السنة قالوا: شىء لا كالأشياء طرد واحد، فقالوا: جسم لا كالأجسام. وقال ابن قتيبة: صورة لا كالصور.

والفرق بين ما قلناه وما قالوه: أن لفظة " شىء " لا تفيد الحدوث ولا تتضمن ما


(١) الفتح ٥/ ١٨٣، وقد علق على ناقل هذا الحديث بدون توجيه المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>