للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٥ - (...) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِىًّ الْجَهْضَمِىُّ، حَدَّثَنِى أَبِى، حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى. ح وحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىًّ، عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِى أَيُّوبَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِى حَدِيثِ ابْنِ حَاتِمٍ عَنْ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ، فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ

ــ

فى تمييزه بهذا الحكم.

وقال آخرون: إن الضمير عائد على آدم نفسه. وعورض هؤلاء بأن هذا يجعل الكلام عياً لا فائدة تحته، وأى فائدة فى قولك: خلق زيد على صورة نفسه، والشجرة على صورتها نفسها؟ وهذا معلوم بالعقول ولا يقتصر إلى خبر منقول. وأجاب أصحاب هذا التأويل عن هذا الاعتراض بأن الفائدة فيه: التنبيه على من خالف الحق من أصحاب المذاهب كالطبائعيين القائلين بأن تصوير آدم كان عن بعض تأثيرات النجوم أو العناصر أو غير ذلك بما (١) يهزؤون به، فأكذبهم النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. واحتراز الله - سبحانه - خلق آدم على صورته، أو أكذب الدهرية فى قولهم: ليس ثم إنسان [أول، وإنما إنسان من نطفة ونطفة من إنسان] (٢) هكذا أبداً إلى غير أول، فأخبر النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الله - سبحانه - اخترع صورة آدم ولم يكن مصوراً عن أب ولا كائناً عن تناسل، أو يكون أكذب القدرية فى قولهم: إن كثيراً من أعراض آدم وصفاته خلق لآدم، وأخبر النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه مخلوق بجملة صورته.

وهذا التأويل الذى ذهب إليه هؤلاء - من إعادة الضمير إلى آدم بنفسه - إنما يحسن إذا روى لفظ النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مجرداً من السبب، مقتصراً منه على قوله: " إن الله خلق آدم على صورته "، وأما ذكر السبب، أو ذكر جميع ما حكاه مسلم عنه - عليه السلام -: " إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته " فإنه لا يحسن صرف الضمير لآدم؛ لأنه ينفى أن يكون بين السبب أو صدر الكلام وآخره ارتباط وتميز الكلام. وما وقع فى كتاب مسلم فى معنى المسافر، وقد ذكر أنه روى مختصراً مقتصراً فيه على ما قلناه. وقال بعض أئمتنا. هو من اختصار بعض الرواة.

وقال آخرون: إن الضمير يعود إلى [الله] (٣) - سبحانه - ويكون له وجهان. أحدهما: أن يراد بالصورة الصفة، كما يقال: صورة فلان عند السلطان كذا، بمعنى صفته كذا. ولما كان آدم - عليه السلام - امتاز بصفات من الكمال تميز بالعقل والنطق عن البهائم، والنبوة على سائر بنيه سوى النبيين منهم، وله فضائل اختص بها، فكأنه شبهه من هذه


(١) فى ح: مما.
(٢) سقط من ز.
(٣) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>