للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى صُورَتِهِ ".

١١٦ - (...) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِى عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَالِكٍ الْمَرَاغِىِّ - وَهُوَ أَبُو أَيُّوبَ - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ ".

ــ

الجهة باختصاص الله - سبحانه - بالرفعة والجلال، لاسيما وقد أمر الملائكة بالسجود له طاعة لله - عز وجل. هذا المعنى ذكره بعض أصحابنا فى التشبيه بعد.

والوجه الثانى: عند أصحاب هذا التأويل: أن تكون إضافة الصورة إضافة تشريف واختصاص، كما قيل فى الكعبة: بيت الله، وإن كانت البيوت كلها له - عز وجل - وكما قال تعالى: {نَاقَةَ اللَّهِ} (١) إلى غير ذلك مما وقع فى الشريعة من أمثال هذا. وقد تميز آدم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن خلقه الله - جلت قدرته - بيده، ولم يقلبه فى الأصلاب، ولا درجه من حال إلى حال، فتكون الإضافة إضافة اختصاص لهذا المعنى ولغيره.

وأما من صرح بهذا الضمير وخرجه للوجود، فإنه يرد من جهة النيل، وأنه ضعيف عند المحدثين.

واختلف أصحابنا فى رده من جهة اللسان، فقال بعضهم: ما يحسن مثل هذا فى الكلام؛ لأن اللفظ الظاهر إذا افتتح به، وأُعيد ذكره فإنما يعاد بالضمير، ولهذا يقال: زيد ضرب عبده، ولا يقال: [ضرب زيد عبد زيد] (٢)، ومرادهم بزيد الثانى زيد الأول، قالوا: فلو كان ما قالوه صحيحاً لكانت العبارة عنه: " خلق آدم على صورته " كما وقع فى الطرق الثابتة. وقال بعض أصحابنا: لا يستبعد هذا فى اللسان، وقد قال سبحانه وتعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ} (٣) ولم يقل: [يوم] (٤) يحشر المتقين إلينا. وقال بعضِ النحاة: من هذا أيضاً قوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا} (٥)، وأنشد فى ذلك قول عدى بن زيد:

لا أرى الموت يسبق الموت شىء ... يعض الموت ذا الغنى والفقير

وفى هذا كفاية.

قال القاضى: قد جاء فى هذا الحديث نفسه ما أغنى عما ذكر فى بعض الأحاديث،


(١) الشمس: ١٣.
(٢) فى ز: زيد ضرب عبد زيد.
(٣) مريم: ٨٥.
(٤) ساقطة من ز.
(٥) البقرة: ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>