للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٣ - (...) حَدثنا إسْحاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِىُّ وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ - وَاللَّفْظُ لِحَجَّاجٍ - قَالَ إسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ حَجَّاجٌ: حَدَّثَنَا - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا الثَّوْرِىُّ، عَنْ عَلقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ اليَشْكُرِىّ، عَنْ مَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالت أُمُّ حَبِيبَةَ: اللهُمَّ، متِّعنِى بِزَوْجِى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِأبِى أبِى سُفْيانَ، وَبِأخِى مُعَاوِيَةَ. فَقَالَ لَها رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنَّك سَأَلتِ اللهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ، وآثَارٍ مَوْطوءَةٍ، وَأرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ، لا يُعَجِّلُ شَيْئًا مِنْهَا قَبْلَ حِلِّهِ، ولا يُؤخِّرُ مِنها شَيْئا بَعْدَ حِلِّهِ، وَلَوْ سَألتِ اللهَ أنْ يُعَافِيَكِ مِنْ عَذَابٍ فِى النَّارِ، وَعَذَابٍ فِى القَبْرِ، لَكَانَ خَيْرًا لَكِ ".

ــ

الأجل، فلا معنى للاعتذار بما يحتاج [إلى] (١) الاعتذار. وقال آخرون: [إنّ المعنى] (٢): أنّ الله - سبحانه - علم أنه يعمره [مائة] (٣) لأنه علم أنه يصل رحمه، وعلم أنه لو لم يصلها لعمر ثمانين، والبارى - سبحانه - موصوف بأنه يعلم ما لا يكون لو كان كيف كان يكون. وأصل ما فيما ذكرناه من التأويلات هذا التأويل، أو ما قلناه أولاً؛ لأنَّ الزيادة والنقص يرجعان إلى الملك وما كلفه، فيكون التغيير فيه. وصرف ذلك إلى الملك إليه يميل بعض المحققين من أئمتنا، وعلى هذا الذى قررناه عندنا أن المقتول مات بأجله، خلافاً للمعتزلة أنه قطع عليه أجله بالقتل. ولو قيل لنا نحن: هل يقال: إن بقاءه وزيادته على ذلك [القدر من] (٤) الأجل مقدور للبارى - سبحانه؟ لقلنا بذلك مقدور، ولكنه مع كونه مقدوراً لم يمت إلا بأجله.

وقولنا - أيضاً - فيه: إنه مقدور جاز على اختلاف أصحابنا فى خلاف المعلوم هل يقال: إنه مقدور أم لا؟ والأصح عندى: أنّ خلافهم قد يرجع إلى عبارة، والأولى إطلاق القول بأنه مقدور، وقد قال تعالى: {أَوَلَيْسَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ} (٥)، فأثبت أنه قادر على خلق مثلهم، ومعلوم أنه لا (٦) يخلق مثلهم.

وكذلك اضطرب أصحابنا فى المقتول لو لم يقض البارى - عز وجل -[القتل] (٧) عليه ما يكون حكمه بعد زمن القتل الذى فرضنا وقوعه فيه؟ والأصح فى هذا: أن يحال على البارى - سبحانه ويقال: نحن لا نعلم كثيراً مما يكون للأبد، فكيف نعلم ما لا


(١): (٣) فى هامش ح.
(٤) سقط من ح.
(٥) يس: ٨١.
(٦) كذا فى نسخ المخطوط بالنفى، ولكن الإمام ابن كثير وغيره قال فى تفسير الآية: {عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم}: أى مثل البشر والأناسى، وقد قال تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاس} [غافر: ٥٧] وهذا هو الراجح وأن النفى فى هذا الموضع تصحيف من النساخ.
(٧) من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>