للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيَطْمَئِنَّ قَلْبِى}. قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ هذِهِ الآيَةَ حَتَّى جَازَهَا.

حدّثناه عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِى يَعْقُوبُ يَعْنِى ابْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُوَيْسٍ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، كَرِوَايَةِ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ، وَقَالَ: ثُمَّ قَرَأَ هذِهِ الآيَةَ حَتَّى أَنْجَزَهَا.

ــ

حتى تثبت وتوقَّر، وراسل الملك فى كشف الأمر الذى سجن بسببه، ومكاشفة النسوة الحاضرات له وتظهر براءته، ويلقى الملك غير مرتاب ولا خجل مما عساه يقع بقلبه مما رفع عنه، فتنبه النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على فضيلة يوسف - عليه السلام - وقوة نفسه [وتوقره] (١)، وصدق نظره للعواقب، وجودة صبره، وأخبر عن نفسه هو بما أخبر على طريق التواضع والأنافة بمنزلة يوسف (٢)، وأنه عليه السلام كان يُغلِّبُ الراحة من المحنة أولاً على غير ذلك. ولا يُظَنُّ أن إجابة الداعى هنا هى مراودة المرأة ودعاؤها يوسف لما دعته له.

وقوله فى لوط: " إنه كان يأوى إلى ركن شديد "، قال الإمام: يريد البارى تعالى لأنه الكافى فى الحقيقة.

قال القاضى: كأن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتقد عليه قوله هذا، وطلب رحمة الله له من هذا القول (٣)، إذا أراد لوط بالركن عشيرته ليمنعوه من قومه، ويحموا أضيافه عن مرادهم السوء بهم، وأن ضيق صدره بذلك وحَرجَه لما لقى منهم أنساه اللجأ إلى ربه والاعتصام به، وحمله على سنة الله فى خلقه وعادته من اعتصام بعضهم ببعض، والله تعالى أشد الأركان وأقواها وأمنعُها. وقد تكرر الحديثُ آخر الكتاب.


(١) من ت.
(٢) قال الأبى: " وقيل: إنما تأنى لعلمه أن الأمر يصير إليه، فأراد أن تشهد النسوة ببراءته وهو مقدور عليه قبل أن يصير ملكاً، فيكون فى شهادتهن ضرب من الإكراه، وقيل: تأنى لأنه لو بادر لم يسلم من أن تلقى الحاشية فيه إلى الملك، أما بعد شهادتهن ببراءته فلا ". إكمال ١/ ٢٦٠.
(٣) قال الأبى: " ولا يخفى إيحاش هذا اللفظ مع عدم صحة معناه. إذ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينتقد، ولوط - عليه السلام - لم ينس اللجأ إلى الله تعالى فى القضية، وإنما قال ذلك تطييباً لنفوس الأضياف، وإبداء العذر لهم، بحسب ما ألف فى العادة من أن الدفع إنما يكون بقوةٍ، أو عشيرة، وهذا فى الحقيقة محمدة وكرم أخلاق يستحق صاحبها الحمد، فقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يرحم الله لوطاً " ثناءٌ لا نقد. إكمال ١/ ٢٥٩.
قلت: والسياق يساعد على ما ذهب إليه الأبى، إذ أنه يدل على أن المقصود بيان كمال المذكورين ومدحهم فى ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>